خطبة الجمعة 5 من صفر 1441: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: هل أخطأ الإمام الحسن؟ القسم الأول


- في النصف الأول من سنة 41 هـ، تم توقيع عقد الصلح بين الإمام الحسن (ع) وبين معاوية بن أبي سفيان.. ولا شك أن هذا الصلح قد جَرّ معه العديد من الأسئلة والإشكالات وحتى هذا اليوم.
- ومن بين هذه الإشكالات التي اطلعتُ عليها مؤخراً، القول ببطلان القرار الذي اتخذه الإمام الحسن (ع) ضمن بنود الصلح والقاضي بالتنازل عن الحكم لمعاوية.
- لأننا إذا قلنا بأن حُكمَه وإمرته تمت من خلال (الشورى) أو (أهل الحل والعقد) فإن شرعية حكمه مكتسبة من خلال ذلك، ولا ترتفع ولا تنتقل إلى شخص آخر إلا من خلال الرجوع إلى مَن أعطوه هذه الشرعية.. أي كان لابد من أن يرجع القرار إليهم فيمن يحكم بدلاً عنه.
- وإذا قلنا بأن حكمه وإمرته اختيارٌ وتكليفٌ إلهي، فكيف يتنازل عن هذا الاختيار والتكليف؟
- ومن هنا قال أصحاب هذه الإشكالية بأن الحسن (ع) أخطأ في القرار الذي اتخذه والمتضمَّن في الصلح، وكان نصُّه بحسب بعض الروايات كالتالي: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صَالَح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب، معاويةَ بن أبي سفيان، صَالَحَه على أن يُسلِّم إليه ولايةَ الأمر على أن يَعمل فيهم بكتاب الله وسُنَّة رسوله، وسيرة الخلفاء الصالحين....) إلخ البنود.
- لابد من التنبيه أولاً إلى أن المدرسة الإمامية تعتبر أن حكم الإمام الحسن وإمرته اختيار إلهي، وأن علياً (ع) قد أبلغ الناس أن الأمر من بعده للحسن، وهي لا توافق على الأطروحة التي تقول بأن شرعية حكمه مكتسبة من الشورى أو أهل الحل والعقد، لكي يرجع إليهم فيكون القرار قرارهم.
- والروايات الإمامية على ذلك عديدة، وفي مصادر أهل السنة أيضاً ما يدل على ذلك، ومن بينها ما جاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، قال: (... عن أبي بكر الهذلي قال: أتى أبا الأسود الدؤلي نعيُ أميرِ المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وبيعةُ الحسنِ (ع)، فقام على المنبر فخطب الناس ونعى لهم علياً (ع)) وأخبرهم بكيفية استشهاده، قال الراوي: (ثم بكى حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال: وقد أوصى بالإمامة بعدَه إلى ابنِ رسول الله، وابنِه، وسليلِه وشبيهِه في خُلُقه) أو خَلْقِه (وهَديِه، وإني لأرجو أن يُجبِرَ اللهُ عز وجل به ما وَهَى، ويسُدَّ به ما انثلم).
- ثانياً، بتصوّري أن جانباً مهماً من الإجابة تكمن في مقطع من الخطبة الشقشقية، حيث يصف الإمام علي (ع) موقفَه مِن مسألة الحكم والإمرة على المؤمنين.. فماذا قال؟ وكيف نوظّف ذلك في الرد على الإشكال؟ هذا سأحاول تبيينه في الخطبة الثانية بإذن الله.