خطبة الجمعة 14 محرم 1441: الشيخ علي حسن : الخطبة الثانية: رواة تفاصيل واقعة الطف

- قدّمت في الخطبة الأولى بعض الملاحظات حول مصادر ورواة تفاصيل واقعة الطف، وفي هذه الخطبة سأقدّم نماذج من الرواة وفق التصنيف التالي:
- أوّلاً، الرواة من معسكر الإمام الحسين:
1- الإمام زين العابدين: مما رُوي عنه قوله: (أتانا رسولٌ من قبل عمر بن سعد فقام مثل حيث يُسمَع الصوت فقال: إنا قد أجلناكم إلى غد، فإن استسلمتم سرّحنا بكم إلى أميرنا عبيدالله بن
زياد، وإن أبيتم فلسنا بتاركيكم).
- ورواية قول الإمام الحسين لأصحابه ليلة العاشر: (.. هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً..).
- وقول الإمام (ع): (يا دهر أفٍّ لك من خليل...) والحوار بينه وبين العقيلة زينب ليلة العاشر، وضمّنها وصيته لها: (يا أُخيّة إني أقسم عليك فأبرِّى قسَمي، لا تشقّى عليّ جيباً ولا تخمشي
عليّ وجهاً، ولا تدعي عليّ بالويل والثبور).
2- فاطمة بنت الإمام علي: روي عنها ما جرى في قصر يزيد حين تطاول أحدهم بكل وقاحة قائلاً: (يا أمير المؤمنين، هَب لي هذه)، يقصدها، وكيف أنها تمسكت بثياب أختها زينب التي قالت: (كذبتَ والله ولؤمت، ما ذلك لك وله... كلا! والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا). فأفحمته حتى قال يزيد للرجل: (اعزُب، وهَبَ الله لك حتفاً قاضياً).
3- فاطمة بنت الإمام الحسين: وقد روي عنها مشهد مؤلم جرى عقيب انتهاء المعركة، قالت: (دخَلت العامة علينا الفسطاط وأنا جارية صغيرة، وفي رجلي خلخالان من ذهب، فجعل رجل يفضّ الخلخالين مِن رجلي وهو يبكي فقلت: ما يبكيك يا عدو الله؟ فقال: كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله؟! فقلت: لا تسلبني، قال: أخاف أن يجيء غيري فيأخذه. قالت: وانتهبوا ما في الأبنية حتى كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا).
4- الحسن المثنى بن الحسن بن علي: حضر الحسن المثنى واقعة الطف وشارك فيها فأصيب إصابة بليغة، وتدخّل فزاري – وكان أم الحسن المثنى فزارية - فأُخلي سبيله ورُدّ إلى الكوفة، وبقي عنده ثلاثة أشهر حتى عوفي وسلم، وانصرف إلى المدينة. روى خطبة عمه الحسين في صبيحة عاشوراء حيث قال لهم في جانب منها: (... تباً لكم أيتها الجماعة وتَرَحاً، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين، فأصرخناكم موجفين مستعدِّين، سللتم علينا سيفا كان لنا في أيمانكم؟ ...).
5- محمد بن الإمام الحسن المجتبى: حضر المعركة ولم يشارك فيها لصغر سنّه. روى جانباً مما جرى في قصر يزيد، وخطبة الإمام الحسين يوم عاشوراء التي قال فيها: (ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ ذُلاً وبَرَماً..).
6- عُقبة بن سمعان: روي عنه الحوار الذي دار بين الإمام وابنه علي الأكبر في الطريق حين خفق الإمام برأسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين).
7- الضحاك بن عبدالله المشرقي: كان قد اشترط لنفسه على الإمام الحسين أن يقاتل دونه ما دام قتاله ينفعه، فبقي شاهداً حياً وروى أحداثاً كثيرة، من بينها ردود أصحاب الإمام الحسين كمسلم بن عوسجة وسعيد بن عبدالله الحنفي وزهير بن القين، وكذلك حال معسكر الإمام ليلة عاشوراء، وبعض خطب الإمام الحسين، كقوله: (أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟).
8- غلام لعبدالرحمن بن عبد ربه الأنصاري: روي عنه خبر عن صبيحة عاشوراء وكيف كان برير يهازل عبدالرحمن في قصة معروفة، حيث قال عبدالرحمن: (دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل. فقال له برير: والله لقد علم قومي أنى ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون).. وروى أن الإمام ركب دابته ودعا بمصحف فوضعه أمامه.
- ثانياً، الرواة ممن لم يشترك في واقعة الطف، من بينهم من باب المثال:
1- دلهم بنت عمرو، زوجة زهير بن القين، والتي روت كيفية تغيير زهير بن القين لموقفه وانضمانه إلى رحل الإمام الحسين.
2- عبدالله بن حازم البكري: كان ممن أعان مسلم بن عقيل في بعض مهامه، ثم شارك مع التوابين في ثورتهم واستشهد. وقد روى بعض أحداث الكوفة على عهد مسلم.
3- الفرزدق همام بن غالب التميمي الحنظلي الشاعر المعروف، وقد روى حواره مع الإمام الحسين حين خرج من مكة.
4- الصحابي أنس بن مالك، وقد كان حاضراً حين أُتي برأس الإمام لابن زياد، فروى الخبر.
5- عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديان اللذان رويا خبر مقتل مسلم للإمام وغير ذلك.
- ثالثاً، الرواة مِن المعسكر الأموي، فمن بينهم:
1ـ حُمَيْد بن مسلم الأزدي: أشركه ابن سعد مع خولي بن يزيد لحمل رأس الحسين إلى ابن زياد. ثم انضم لحركة التوابين سنة 65هـ، ونجا من المعركة وهرب في الظلام مع مَن هرب منهم. ولما بدأ المختار الثقفي حمْلته في قتل مَن كان في معسكر الأمويين في كربلاء هرب حُميد.
- رُويت عنه عدة روايات في خصوص واقعة كربلاء. منها وصول أمر ابن زياد لعمر بن سعد بالحؤول بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ومقتل علي الأكبر، واستشهاد فتية من بني هاشم من بينهم القاسم بن الحسن، ثم جانباً من تفاصيل استشهاد الإمام الحسين، وتسيير رأس الإمام إلى الكوفة، ودخول العقيلة زينب على ابن زياد وكلامها المشهور.
2- كثير بن عبدالله الشَّعبي: أحد مقاتلي الجيش الأموي. بعثه عمر بن سعد أول وصوله إلى كربلاء ليسأل الإمام عن غرض قدومه إلى العراق. وروى خطبة زهير بن القين يوم العاشر.
3- مسروق بن وائل الحضرمي: من مقاتلي الجيش الأموي، روى انسحابه في لحظة حاسمة بعد هلاك ابن حوزة حين دعا عليه الإمام بقوله: (اللهم حزه إلى النار).
- وآخرون بحيث يبلغ المجموع أحد عشر رجلاً.
- كانت هذه جملة من رواة الشهادات والأخبار التي نُقلت حول واقعة الطف، في مقدماتها وأحداثها وتبعاتها، وهم شهود عيان حضروا الوقائع المختلفة، فرويت عنهم، وأُثبِتَت في كتب التاريخ، وحُفظت عبر الأزمان، ووصلت إلينا أيضاً عبر كُتب المقاتل، بما يُمثّل عنصراً مهماً من عناصر الوثوق بالأحداث المفصلية المروية حول النهضة الحسينية.