- الالتزام بالدين - في الأساس - حالة فردية، ترتبط بالتصديق والإيمان القلبي من جهة، والالتزام العملي بالتشريعات والعبادات والتعاليم كالصلاة والزكاة والصيام والحج والأمانة والصدق وغيرها.
- إلا أن هناك تمظهراً اجتماعياً - أو جماعياً - للتديّن حرص الإسلام عليه، واهتمّ بشأنه كثيراً، ويهدف إلى تنمية البُعد الاجتماعي في شخصية المسلم، وتقوية العلاقات البينيّة، وتحقيق المجتمع الواحد القوي.. كما نجد ذلك في الحج مثلاً، حيث لا يُؤدَّى الحج إلا جماعياً، وفي زمن محدد.
- وصلاة الجماعة مثال آخر، وهي من أهم شعائر الإسلام، ومظهر من مظاهر عزته، وقوة المؤمنين به، ومن أعظم المستحبات، وورد في شأنها من التشديد والترغيب الشيء الكثير.
- ومن دلائل ذلك أنه كلما ازدادت الجماعة وأعطت مظهراً حقيقياً لتجمع المسلمين وتآلفهم وائتلافهم، كلما ارتفعت شأناً وجلّت ثواباً.. وهناك الكثير من الفوائد المترتبة على الالتزام بها.
- إلا أنه من المؤسف أن نرى عندنا ضعفاً في ثقافة صلاة الجماعة، وينعكس ذلك من خلال عدة صور، من بينها ما نراه في كثير من مساجدنا، حيث تُقام الجماعة، بينما ينشغل كثيرون في نفس الوقت في أداء صلواتهم المفروضة فرادى.
- بل لربما تجد في بعض المساجد أن عدد المصلين فرادى يفوق عدد المشاركين في صلاة الجماعة! بما يقدّم صورة مشوّهة عن قيمة صلاة الجماعة في مدرسة أهل البيت، ودور المسجد.
- بالإضافة إلى ذلك، لابد أن يلتفت الإخوة الذين يصلّون فرادى حال إقامة صلاة الجماعة في نفس المكان إلى أنهم يقعون غالباً في إشكالية شرعية من حيث لا يشعرون، ولنلاحظ الاستفتاءات.
س: هناك أشخاص يرون أن إمام جماعته ليس بعادل، أو لا يعلمون هل هو عادل أم لا، فهل يجوز لهم الذهاب إلى ذلك المسجد والصلاة فيه فرادى؟
المرجع السيد أبوالقاسم الخوئي: لا تصح الصلاة فرادى إذا استوجبت هتك حرمة الإمام.
- وأنا بدوري أوجّه سؤالي إلى من يقومون بذلك، ألا تكون صلاة المنفرد في هذه الحالة متضمّنة – غالباً – رسالة بعدم عدالة الإمام، فتُهتك حرمتُه؟
س: هل يجوز لي الدخول إلى المسجد حين تقام فيه صلاة الجماعة، والصلاة منفردا ًلعدم ثقتي في إمام الجماعة؟
المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله: لا يجوز ذلك إذا كانت الصلاة فرادى تؤدي إلى إهانة إمام المسجد.
السؤال: ما حكم مَن يصلي منفرداً في مسجد يُصلى فيه صلاة الجماعة ؟
المرجع الديني السيد علي السيستاني: لا يجوز الإنفراد إذا عُدّ هتكاً لإمام الجماعة .
المرجع الديني السيد علي الخامنئي: لا يجوز إذا كان فيه إضعاف صلاة الجماعة، أو إهانة وهتك إمامِ جماعةٍ يَعتقد الناس بعدالته.
- وبالفعل، فالمسألة لا ترتبط فقط بهتك إمام الجماعة، بل بهتك صلاة الجماعة وتوهينها والحط من قيمتها، خاصة وأن لتراكم التجربة أثر في ترسيخ الصورة أو المفهوم الذي لربما يكون خاطئاً، لتنتقل عبر الأجيال، وتتحول إلى ثقافة سلبية تخالف أصل التشريع وغايته.
- في هذا المسجد، بحمد الله، استطعنا أن نخفف إلى درجة كبيرة جداً من هذه الظاهرة السلبية، وآمل – فيما لو كُسرت القاعدة أن يقوم بعض المؤمنين بتوجيه الإخوة الأعزاء الذين يخالفون ذلك، بالتي هي أحسن، كما آمل أن تُعالج المسألة - بحزم مقرون بلين - في المساجد التي تكثر فيها، فالمسألة لا ترتبط بهذا المسجد أو ذاك، بل بقيمة واحترام المسجد وصلاة الجماعة في مدرسة أهل البيت (ع).