خطبة الجمعة 22 ذوالحجة 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: مراتب شكر الله

- في أمالي الصدوق عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: (بينا رسول الله (ص) يسير مع بعض أصحابه في بعض طرق المدينة إذ ثَنّى رجله عن دابته ثم خر ساجداً فأطال في سجوده، ثم رفع رأسه، فعاد، ثم ركب، فقال له أصحابه: يا رسول الله رأيناك ثنيت رجلك عن دابتك ثم سجدت فأطلت السجود؟ فقال: إن جبرئيل (ع) أتاني فأقرأني السلام من ربي وبشّرني أنه لن يُخزيَني في أمتي، فلم يكن لي مال فأتصدّق به، ولا مملوك فاعتقه، فأحببتُ أن أشكر ربي عز وجل).
- عندما تشكر بلسانك شخصاً قدّم لك خدمة وتُثني عليه، فهذا من الأخلاق، ولكن عندما تُقدِّم له شيئاً في مقابل هذا العطاء، كأن تدعو له بالغيب، أو تهدي له ثواب ركعتين، أو تعينه لاحقاً حين يحتاج إليك، فهذا من مكارم الأخلاق.
- شُكر الله عزوجل على نِعمه باللسان يمثّل أقل قدر من الشكر يُتوقّع صدوره عن الإنسان المؤمن.. والأرقى من ذلك أن يقوم الشاكر بالعطاء، ولا يكتفي بالقول فقط.
- ولنلاحظ أن المثالين الذين ضربهما النبي (ص) للعطاء كانا في البُعد الإنساني.. الصدقة والعتق.. فالله يريد منا أن نعتني بعباده، بحيث يكون شكرنا لله عطاءً لخلق الله.
- وهناك مرتبة متوسّطة بين الإثنين، وذلك حين يفقد الإنسان الإمكانية المادية للعطاء، فينتقل إلى الكون في حالة من العبادة، كأداء ركعتي صلاة، أو سجدة الشكر، أو الصيام تعبيراً عن ذلك.
- الأمر الآخر الذي يلفت إليه الخبر السابق هو أن الشكر لله لا يكون على العطاء الإلهي الخاص بالمنعَم عليه فقط، بل حتى فيما يرتبط بالآخرين ممن يهمه أمرَهم، إما على مستوى العلاقة الشخصية، أو العلاقة الرسالية، فقد كان سجود النبي شكراً لعطاء الله لأمته.
- ولنتذكر أنه مهما عظم ما نقدمه من شكر بين يدي الله سبحانه، فإنه لا يمثّل شيئاً في مقابل عطائه اللامتناهي.
- إلـهي تَصاغَرَ عِنْدَ تَعاظُمِ آلائِكَ شُكْري، وَتَضاءَلَ في جَنْبِ إكْرامِكَ إيّايَ ثَنائي وَنَشْري، إلـهي فَكَما غَذَّيْتَنا بِلُطْفِكَ، وَرَبَّيْتَنا بِصُنْعِكَ، فَتَمِّمْ عَلَيْنا سَوابِـغَ النِّعَمِ، وَادْفَعْ عَنّا مَكارِهَ النِّقَمِ، وَآتِنا مِنْ حُظُوظِ الدّارَيْنِ أرْفَعَها وَأجَلَّها عاجِلاً وَآجِلاً، يا عَظيمُ يا كَريمُ بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.