خطبة الجمعة 18 شوال 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: قَيْضُ بَيْض

- روى الشريف الرضي في نهج البلاغة في الخطبة برقم 166 أن أمير المؤمنين (ع) خطب فقال في الحث على التآلف، أي أن تكون هناك حالة من العلاقة الحميمة بين الناس:
1. (لِيَتَأَسَّ صَغِيرُكُمْ بِكَبِيرِكُمْ) من الواضح أن الأمر بالتأسّي يرتبط بالجوانب الإيجابية، وهو صورة معاكسة لحالة التمرّد.
- فالأب مثلاً عندما يرى أن ابنه يقتدي به، ويأخذ من صفاته الإيجابية، فإن هذا مدعاة للارتياح النفسي والتقارب بينهما والمزيد من التحاب.
- على خلاف ما لو كان الولد متمرّداً، وذا أطباع وسلوكيات مخالفة للأب.
- ومثل هذا ما لو كان الأخ الأصغر يتقرّب إلى الأخ الأكبر، ويأخذ عنه بعض الإيجابيات، فإن هذا مدعاة لتقوية العلاقة بينهما، وتحقيق حالة من العلاقة الحميمة، والشعور المتبادل بالاهتمام.
2. (وَلْيَرأَفْ كَبِيرُكُمْ بِصَغيرِكُمْ) فليرحم الكبار ضعف الصغار وجهلَهم وعدم خبرتهم في الحياة، مما قد يوقعهم في الأخطاء.
- خاصة وأن الكبار عاشوا تجربة الطفولة وعدم النضج والتهور والاندفاع والرغبة في الاستقلالية إلخ.. فهل كانوا يودّون أن يُعنَّفوا من قبل الكبار، أو يُستهزأ بهم، أو أن يعاقبوا عقاباً شديداً؟
3. (وَلاَ تَكُونُوا كَجُفَاةِ الْجَاهِلِيَّةِ: لاَ في الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ، وَلاَ عَنِ اللهِ يَعْقِلُونَ. كَقَيْضِ بَيْض) القشرة العليا اليابسة للبيض (في أَدَاح) حفرة تحفرها بعض الزواحف والطيور لتبيض فيها (يَكُونُ كَسْرُهَا وِزْراً، وَيُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً) فعندما تجد هذا البيض وأنت لا تعلم هل هو بيض طائر أم بيض أفعى، ستكون متردداً بين المحافظة عليه لتستفيد منه لاحقاً بلحاظ أنه بيض طائر، وبين كسره للتخلص من شره بلحاظ أنه بيض أفعى سامة.
- جفاة الجاهلية هكذا، لا تعلم هل سيخرج الحي منهم، فتحافظ عليهم، أم أنهم يكونون مثل الوصف الذي جاء على لسان النبي نوح (ع): (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا) [نوح:26-27] ليكون الأفضل أن تتخلّص منهم وتريح الناس من شرّهم.
- لا تكونوا هكذا، بل فليكن الخير منكم ظاهر واضح.. والسبيل لتحقيق ذلك هو التفقه في الدين، والتعقل عن الله بالاستفادة من كتابه الكريم، بما فيه من تشريعات وحكم ومواعظ ووصايا وتهذيب للنفس وقصص ذات أبعاد إيمانية وأخلاقية ترتبط بالحياة الدنيا وبالآخرة.