خطبة الجمعة 11 شوال 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: رسالة إلى الخريجين

- الموهبة نعمة من نعم الله تعالى عند الإنسان.. وكل نعمة يجب مقابلتها بالشكر والإحسان وحُسن الاستخدام.
- فمن وهبه الله ذكاء أو قدرة جسمانية أو قدرة على اكتساب العلوم، أو موهبة شعرية أو فنية أو كتابية، وجب عليه الشكر والتواضع ومساعدة الآخرين من خلال ما وهبه الله.
- إلا أن بعض الناس يسيطر عليهم الغرور والعُجب والكِبر عندما يرون أنفسهم متفوّقين على الآخرين في أمر ما، أو أنهم يتحوّلون إلى أفراد أنانيين، كما قد يستغلون مواهبهم بجشع مادّي.
- الصورة الجميلة التي رسمها الإسلام عن الإنسان في كمالاته تتعارض مع هذه الصورة القبيحة، لأن:
1. (خير الناس مَن نَفَع الناس) كما جاء في الحديث النبوي الشريف.

2. وهو يدعو الله دائماً أن يوفّقه لخدمة الآخرين من خلال هذه المواهب الإلهية: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) [الأحقاف:15].
3. وهو على يقين بأنه (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء:85].. فلمَ الغرور والكِبر؟
4. ثم إن الأمر كله بيد الله، وقد يُسلَب الإنسان هذه النعم، كما قد يُعطى المزيد منها: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم:7].
- وأخيراً، فإنه لو كان لأحد أن يتكبّر أو يتجبّر أو يعيش الأنانية بكل صورها لكان ذلك هو النبي سليمان عليه السلام الذي أعطاه الله سبحانه ما لم يعط أحداً من قبل ومن بعد: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ) [سبأ:13].
- إلا أنه أدرك أن كل هذه العطايا الإلهية هي اختبار سماوي: (قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي
أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) [النمل:40]. فشكر: (هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [ص:39].
- وهذا النموذج من الناس نموذج نادر: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ:13].. فمن يوفَّق أن يكون كذلك كان من الذين يحبهم الله ويقرّبهم إليهم ويُحسِن عاقبتَهم: (وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ) [ص:40].
- في هذه الأيام ظهرت نتائج الثانوية العامة، وتخرّج بعض شبابنا من الكليات بتفوّق، ليبدأوا مرحلة جديدة من حياتهم.. فليكن هناك تخطيط من قبلهم، لا على مستوى الخطوة التعليمية أو الوظيفية القادمة فحسب، بل وفي الكيفية التي من خلالها نشكر المنعم على نعمه.. لأن علينا دائماً أن نسعى لنكون ممن يعون قيمة المواهب التي أنعم الله بها علينا، وأن نُحسن استعمالها فيما يعود علينا وعلى الآخرين وعلى الحياة التي خلقها الله سبحانه بالخير.