خطبة الجمعة 26 رمضان 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: رمضان وقطيعة الأرحام

- (يَـأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأرحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1].
- تأمر الآيةُ الناس بتقوى الله، انطلاقاً من ممارسة عملية فطرية، وقد تحوّلت إلى عادة يداومون عليها، وهي أنهم عندما يطلبون حقوقهم وحوائجهم فيما بينهم، فإنهم يسألون الآخرين بالله، لما لله من عظمة في النفوس، وأملاً في تحقيق مرادهم.. فإذا كان الله بهذه العظمة.. ألا يجب أن يتقوه؟
- ثم اختلف المفسرون في المراد من (والأرحامَ)، فقال البعض أن الآية تأمر بتقوى الله الذي يسأل بعضهم بعضاً به وبأرحامهم.. كأن يقول قائلهم، وهو من أرحامه: (أسألك بالله وبالرحم)، مما يدل على عظمة الله وعظمة الرحم عندهم حتى أنهم يسألون به.
- وهناك قول آخر لدى المفسرين، حيث اعتبروا أن الآية تأمر بتقوى الله، وأن يتقوا الأرحام، بأن
لا يسيئوا إليهم ولا يقطعوا صلاتهم بهم.
- وسواء أخذنا بالتفسير الأول أم الثاني، فإن النتيجة واحدة، وهي ما في الآية من دلالة على عظم العلاقات الرحمية، وأهميتها عند الله سبحانه.
- ولو عدنا إلى ما خطبة النبي (ص) التي قرأتها قبل بدء شهر رمضان، فسنجد أنه (ص) قد نبّه على ضرورة مراعاة العلاقة بالأرحام، حيث قال: (وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ، وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ، وَارْحَمُوا صِغَارَكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ...).
- والحمدلله أن من العادات التي لم تنقطع في الكويت الاعتناء بصلة الأرحام خلال الشهر الفضيل، والتي لا تقتصر فقط على التواصل والزيارة، بل على تقديم المساعدة والمشورة وما إلى ذلك، لأن مفهم صلة الأرحام لا يقتصر على الزيارة.
- إلا أن من المؤسف أن يعلم الإنسان أنه وعلى الرغم من هذه التوصيات الإلهية والنبوية في هذا المجال، إلا أننا نلحظ أن من بين المؤمنين المتدينين، ومن أهل المساجد مَن يُبقي الخصومة قائمة مع أقرب الناس إليه من أرحامه.. مع الأخ أو الأخت.. فهل يُعقل ذلك؟
- إذا كان هناك خطأ قد صدر من أحدهم تجاهك.. فاعفُ واصفح.. (... وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم) [النور:22].
- ألا تتطلع إلى عفو الله وصفحه في هذا الشهر؟ فكيف تتطلع إلى ذلك وأنت لا تملك الاستعداد لأن تعفو وتصفح عما صدر من أقرب الناس إليك؟
- صحيح أننا في نهايات الشهر الفضيل، ولكن الفرصة ما زالت قائمة.. لا تَدَعْ هذا الشهر يمضي قبل أن تُصلح علاقتك بأرحامك.. نحن نقرأ في الدعاء: (أعوذ بجلال وجهك الكريم أن ينقضي عني شهر رمضان أو يطلع الفجر من ليلتي هذه ولك قبلي ذنب أو تبعة تعذبني عليه).. أنت بهذا الدعاء تطلب العفو من الله.. فتعوّذ بجلال وجهه الكريم أن ينقضي عنك شهر رمضان وأنت في قطيعةٍ مِن رحم مِن أرحامك.. إذا أردتم عفوَ الله وصفحَه، فاعفوا واصفحوا يرحمكم الله.