خطبة الجمعة 12 رمضان 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: عندما تحسّر أمير المؤمنين (ع)

- الحديث عن قيمة العلم وطلب العلم لا يحتاج إلى كثير بيان واستدلال وبرهان.
- ولعل من أروع ما يصف قيمة العلم وطلبه ما جاء في كلمات أمير المؤمنين (ع) كما رواها الشريف الرضي في نهج البلاغة عن كميل بن زياد.
- قال كميل بن زياد: (أخذ بيدي أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فأخرجني إلى الجبان، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال: يا كميل، إن هذه القلوب أوعية، فخيرُها أوعاها. فاحفظ عني ما أقول لك. الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومُتعلِّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل، العلم خيرُ من المال. والعلمُ يحرسُك وأنت تحرسُ المال. المالُ تُنقِصُه النفقة، والعلمُ يزكو على الإنفاق، وصنيعُ المال يزول بزواله. يا كميل، العلم دِينٌ يُدان به، به يكسب الإنسانُ الطاعةَ في حياته، وجميلَ الأحدوثة بعد وفاته... ها، إن ههنا لعلماً جمّاً - وأشار إلى صدره - لو أَصبتُ له حمَلة!).
- ألم يكن هناك من يحمل هذا العلم؟ يجيب(ع): (بلى، أصبتُ لَقِناً غيرَ مأمون عليه، مستعمِلاً آلةَ الدينِ للدنيا، ومستظهِراً بنعمِ الله على عبادِه، وبحُججِه على أوليائه) هذا النموذج الأول.
- النموذج الثاني: (أو منقاداً لحَمَلة الحق، لا بصيرة له في أحنائه) بلا وعي ولا تدبّر ولا فهم بل مجرد انقياد، ولذا (ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شُبهة. ألا لا ذا ولا ذاك).
- النموذجان الآخران والخطيران: (أو منهوماً باللذة سلسَ القِيادِ للشهوة، أو مُغرماً بالجمع والادّخار، ليسا مِن رعاة الدين في شيء. أقرب شيء شبهاً بهما الأنعام السائمة).
- ثم يطلق الإمام (ع) الحسرة على هذا العلم الضائع، وعلى مثل هذا العالم الرباني الذي لا يجد مَن يستحق أن يحمل علمه من بعده فيقول: (كذلك يموت العلم بموت حامليه).
- ومن هنا فإن القيمة العليا للعلم وطلبِه مرتبطة بمجموعة من الأمور التي بيّنها الإمام (ع)، وسأتناول بعضاً منها بشيء من الشرح في الخطبة الثانية بإذن الله تعالى.