خطبة الجمعة 21 شعبان 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: متى يخرج القائم؟

- في مسند أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري ‏قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَمْتَلِئَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا. قَالَ: ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ‏ ‏عِتْرَتِي‏ ‏أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي) والتردد من الراوي (‏يَمْلَؤُهَا قِسْطًا وَعَدْلًا‏ كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا).
- وفي الكافي عن الباقر عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي من وُلدي، تكون له غيبة وحِيرةٌ تَضِلُّ فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء، فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً).
- من يقرأ التاريخ يُدرك أن القضية المهدوية كانت راسخة في أذهان المسلمين – بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية – إلى الدرجة التي كَثُر فيها أدعياؤها.
- حتى أننا نجد أن الخليفة العباسي أبا جعفر عبدالله المنصور الذي سمّى ابنه محمداً - والذي صار خليفةً من بعده - لقَّبه بالمهدي لسحب البساط من تحت أرجل الثائرين من آل علي (ع)، والذين اتّجه بعضهم للقول بأن محمد بن عبدالله بن الحسن المثنى هو المهدي المبشَّر به.
- والسؤال عن موعد أو ظروف خروج الإمام المهدي (ع) قديم، يعود إلى عهد الأئمة (ع)، وفي ذلك عدة روايات، نجد فيها الراوي يسأل مثلاً: (يا ابن رسول اللّه، متى يخرج قائمكم؟).
- واليوم يُطرح هذا السؤال أيضاً، لا من باب الرغبة في التحديد الزمني الدقيق للخروج - لأن هذا من الغيب ولا يعلم ذلك إلا الله - بل بإرداة بيان الزمن التقريبي له، أو لبيان ما إذا كانت المؤشرات تدل على أننا سنعاصر هذا الحدث أم لا؟
- وقد يكون طرح هذا السؤال - أحياناً - من باب التشكّي من الظلم والمآسي التي تعيشها البشرية في أنحاء مختلفة من العالم.
- ولاشك أن السعي لتحديد زمن الظهور - أو حتى تقريبُه - يُعدّ تخرّصاً على الغيب، وحاله حال التطبيقات والتأويلات الباطلة والمتسرّعة لبعض النصوص أو العلامات على أحداث أو جماعات يتبيّن لاحقاً خطأها.
- المثال الواضح والقريب العهد لذلك ما جرى قبل 4 سنوات تقريباً مع بروز داعش بقوة، وتطبيق الرواية التي تتحدث عن أصحاب الشعور الطويلة والرايات السوداء وأصحاب الكنى إلخ، حتى تحدّث البعض عن قرب ظهور الإمام المهدي (ع) بناء على ذلك، وصاروا يتحدّثون عمّا سيجري بالتفصيل وكأنهم يشاهدون المستقبل.
- ثم ظهر بطلان كل ذلك، وهو ما حذّرْتُ منه في حينه، وقلت بأن تلك الروايات كانت من وضع العباسيين، كنوع من الدعاية لحركتهم المضادة للأمويين، وأن مثل هذا التعامل الساذج مع هذه الروايات وتطبيقها قد يؤدّي بالبعض إلى اليأس أو التشكيك في أصل القضية المهدوية.
- على العموم، فإن التساؤل عن موعد خروجه (ع) يستتبع تساؤلاً آخر مفاده: لماذا لا يخرج في هذا الزمان، ونحن نشهد أن الظلم قد عمّ الأرجاء؟ وهل هناك ظلم أكثر من هذا الذي يقع اليوم؟ فلماذا لا يخرج ليخلّص البشرية المعذّبة من عذاباتها؟ سأجيب عن ذلك في الخطبة الثانية.