خطبة الجمعة 22 رجب 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: أوصوا أبناءكم


- في السيرة المباركة للإمام موسى الكاظم (عليه السلام) الكثير من الوصايا والعظات التي حرص على أن يقدّمها لأبنائه وللناس من حوله.
- وهذه هي سنة الأنبياء وأبناء الأنبياء كما حدثنا القرآن الكريم إذ قال (تعالى): (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة:132-133].
- ومما روي من وصايا الإمام الكاظم (عليه السلام) لوُلْدِه: (يا بَنيَّ، إني أوصيكم بوصيّةٍ مَن حَفِظَها لم يَضِع معها؛ إن أتاكم آتٍ فأسمَعَكُم في الأذُنِ اليمنى مكروهاً، ثم تحوّل إلى الأُذُنِ اليُسرى فاعتَذَر وقال: لَم أقُل شيئاً، فاقبَلوا عُذْرَه).
- بمثل هذه الروحية العظيمة، وبمثل هذه الأخلاق القرآنية يرسّخ الإمام في أبنائه قيمةً أخلاقيةً
عملية، ليكونوا الكاظمين للغيظ كما كان، والعافين عن الناس كما عُرف عنه، حتى بات لقباً له.
- لا أقول هذا لكي نتغنى فقط بأمجاد النبي والآل (عليهم السلام)، بل أتحدّث عن مفردة في منهجهم الإيماني والعبادي والأخلاقي الذي رسموه لنا لنسير وفقه في هذه الحياة.. وبمقدار ما نلتزم بذلك سنقترب منهم، ومن شعار الولاء لهم.
- أبناؤنا بحاجة إلى أن يسمعوا منّا مثل هذه الوصايا والتوجيهات الإيمانية والأخلاقية وحِكَم الحياة.. لا يكفي أن نُطعمهم كلما طلبوا الطعام.. ولا يكفي أن نكسوهم، وأن نؤمّن لهم المسكن الملائم، والترفيه في السفر واللعب والتسوّق وما إلى ذلك.
- وهكذا، فإنّ أبناءنا بحاجة إلى التغذية الروحية، والتوجيه الأخلاقي، كما هم بحاجة إلى التغذية العقلية، ليزدادوا قُرباً من الله، وليزدادوا معرفةً بدينهم، والهدف من وجودهم في الحياة، وليكون سلوكهم سلوكاً إنسانياً راقياً، وليطوّروا من قدراتهم بدلاً من تحطيمها في الألعاب والأجواء التي تعزلهم وتزرع فيهم العقد، ليعرفوا أن الوقت يعني حياتَهم، وكما قال الكاظم (عليه السلام): (اجتهدوا في أن يكون زمانُكم أربعَ ساعات: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الأخوان الثّقاة الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذّاتكم في غير محرّم، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات).
- أوصوهم أن يقيّموا أنفسَهم وسلوكهم.. أوصوهم أن يحاسِبوا أنفسهم كما قال الكاظم (عليه السلام): (ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإنْ عمل حسناً استزاد الله، وإن عمل سيّئاً استغفر الله منه).
- هكذا هي مدرسة الإسلام، مدرسة النبي والقرآن والآل، فمن تمسّك بها نجا، ومن تخلّف عنها غرِق. السَّلامُ عَلَى عَلَمِ الدِّينِ وَالتُّقى، السَّلامُ عَلَى نُورِ اللهِ فِي ظُلُماتِ الأرْضِ، السَّلامُ عَلَى الإِمامِ الصّالح، السَّلامُ عَلَى السَيِّدِ الرَّشيد، السَّلامُ عَلَى المقتولِ الشَّهيد، السَّلامُ عَلَى موسى بن جَعفرٍ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.