خطبة الجمعة 17 جمادى الآخرة 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الثانية: عيد الحب.. الإسرائيلي

- في السنوات الأخيرة بات يوم الرابع عشر من فبراير مِن كل عام يُعرف بعنوان عيد الحب.
- ولكنّ في هذا العام، أرادت بعض الجهات الدولية أن تجعل من نفس ذلك اليوم عيداً لحب من نوع آخر.. عيداً للحب الإسرائيلي.
- وهكذا تمت دعوة ستين دولة - ومن بينها دول عربية وإسلامية - للاجتماع في وارسو ليُعلنوا - طائعين أو مُكرَهين - وبصوت واحد: نُحبّكِ يا إسرائيل.
- صدّقوني، لا ينطبق على حُب إسرائيل إلا المثل الدارج: (حَبَّك برص، وسبعة خُرس)!
- إسرائيل والحُب؟! ماذا لدى الصهاينة مما يمكن أن يجعلنا نحبّهم ويُقرّبنا إليهم؟ أحقادُهم؟ مشاريعُهم التدميرية؟ موسادُهم؟ وحشيتُهم في تعذيب الأطفال والنساء؟ استخدامُ الأسلحة المحرّمة؟ جرائمُ الإبادة الجماعية؟ مؤامراتُهم التي لا تهدأ؟ فهّمونا.. ماذا لديهم لكي يجعلهم محبوبين؟
- لا يمكن أن يكون للإسرائيليين حضور في أي بلد إلا ويكون في مقدمتهم رجال مخابراتهم ليعيثوا في الأرض فساداً.. هذا الكيان ليس وجوداً سوياً كي يمكن تصوّر أي شيء له علاقة بالسلام عند وقوع حالة من التطبيع أو ما شابه.
- بمجرد أن أُسقط نظام المقبور صدام حسين، دخل الموساد إلى العراق، ومن أوائل ما قام به عمليات اغتيال العقول العراقية، ثم أعقبها بالتفجيرات وإحداث الفِتن بين القوميات والطوائف.
- مثال بسيط: في فبراير 2009 نشر موقع Infowars.com تقریراً للصحفی "وین مادسون" Wayne Madsen - وهو ضابط سابق فی المخابرات البحریة الأمريكية - حول خطة إسرائیلیة لتهجیر سكان بعض مناطق محافظة نینوی من المسلمين والمسيحيين واليزيديين عن طریق شن هجمات إرهابیة ضدّهم، وذلك بهدف توطين یهود من الأكراد يؤتى بهم من إسرائيل، لأن الصهیونیة تعتبر هذه المناطق جزءً من إسرائیل الكبرى بحدودها التوراتية.
- في عُرف الصهانية لا وجود للمحرّمات.. المؤرخ الإسرائيليّ د. يغال بن نون الأكاديميّ في جامعة بار إيلان ذكر - في بحث نشره - أنّ (إيسر هاريل) مدير الموساد في أوائل ستينيات القرن العشرين أرسل إلى المغرب خليةً كبيرةً لتنفيذ أعمالٍ إرهابيّةٍ ضدّ اليهود، واتهام السلطات المغربيّة بذلك، لكي تَسمح للحركة الصهيونيّة باستجلابهم إلى فلسطين المحتلّة.
- وبماذا برّر رئيس الموساد آنذاك فعلته؟ قال: الغاية تبرر تقديم شهداء يهود!
- هؤلاء لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم بأقرب الناس إليهم وبحلفائهم وداعميهم ما دام أن الأمر يصب في صالح مخططاتهم.
- في سنة ١٩٤٦، قامت جماعة الإرجون الصهيونية برئاسة مناحيم بيغن بتفجير فندق الملك داوود في القدس، والذي كان مقراً لحكومة الانتداب البريطاني في فلسطين.. وقُتل في تلك العملية الإرهابية ٩١ شخصاً.
- ونحن نعرف أنه لولا الدور البريطاني لما حصل الصهاينة على شيء في فلسطين.. ولكن هكذا هم الإسرائيليون.. وكأنّهم يقولون: مِن الحب ما قتل!
- على إثر التفجير، أُدين الصهاينة من قبل حكومات العالم، ولكن لمّا أصدر ضباط الانتداب لأفرادهم أمراً بتجنّب التواجد في المرافق اليهودية العامة كالمطاعم خوفاً من تعرّضهم للقتل أو الإيذاء بعد هذه العملية، قلبت الآلة الإعلامية الصهيونية الأمور لتظهر بمظهر الضحية من خلال كون هذا القرار معاداة للسامية!! أحرج هذا الأمر بريطانيا وانقلب وضعها من كونها الضحية إلى كونها الطرف المُدان، فتراجعت عن هذا القرار!
- نتنياهو اعتبر أن ما حصل في عيد الحب الإسرائيلي لحظة تاريخية.. وهو مُحق في هذا.. ولكن من يدري؟ لعلها اللحظة التي عبّر عنها الله تعالى بقوله: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) (الأنعام:٤٤).
- اللافت أيضاً، أنه طوال السنوات الماضية كانت أصوات فقهاء الفضائيات تصدح بتحريم الاحتفال بعيد الحب، وأنزلوا غضبهم وصبّوا لعناتِهم على مَن يشتري وردة حمراء أو هديّة يهديها إلى مَن يُحب، وتوعّدوهم بغضب الله والعذاب الأليم.
- لا أدري أين هي هذه الأصوات؟ وكأنْ قد أصابها الخَرَس عند الاحتفال بعيد الحب الإسرائيلي! أهذه هي أولوياتكم؟ أهكذا هو الإسلام الذي يفترض بأنكم الدعاة إليه؟
- لقد تحدثت من قبل عن المرحلة الإسرائيلية، وذكرت في ذلك الوقت أنه إذا استطاعت إسرائيل أن تتحرّك في المنطقة كما تشاء، فإنها لن تجلب لها إلا الدمار، وسيتحكّم الكيان الصهيوني بطرقه المعهودة في المنطقة، ويفرض سياساته ومصالحه بشكل غير مسبوق، وستصبح له الكلمة الأولى والأخيرة، وسيكون هو سيّد المشهد بلا منازع، ولن يرتاح الصهاينة قبل أن يعيثوا في هذه المنطقة فساداً .... وأنّ الذين يُسارعون في كسب ولاء الصهاينة لن يحصدوا إلا الندم.
- كثيرون يعلمون أن الكويت واقعة تحت طائلة الضغط والحرج السياسي في خصوص هذه المسألة، وهي التي ما فتئت على المستويين الرسمي والشعبي تُطالب بالحق الفلسطيني وتُدين الإجرام الصهيوني، سواء ما صدر عنها في مجلس الأمن أو في البرلمان الدولي أو غير ذلك. والموقف الشعبي القوي المناهض للتطبيع مع الكيان الصهيوني مِن شأنه أن يعين الموقف الرسمي في الاستمرار برفض التطبيع. تحيةَ إكبارٍ وتقديرٍ لكل الأفراد والجماعات في الكويت وخارجها - وأخصُّ بالذِّكر شبابَنا الأعزاء - الذين رفعوا أصواتهم بطرق مختلفة معلنين رفضَهم لأي نوع من التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم.. وهم وغيرُهم مطالَبون بالاستمرار في إعلان موقفهم المبدئي.. ونتطلع أن يقرأ المسئولون الرسالة بوضوح ليكونوا في سفينة واحدة مع الجمهور الواعي لحقيقة المرحلة. وحيث نحتفل في هذه الأيام - في الكويت - بذكرى الاستقلال وذكرى التحرير، فمِن مسئوليتنا أن نشعر بحقِّ الشعب الفلسطيني في استقلال وطنه من الاحتلال والظلم والاضطهاد تماماً كما سعينا جميعاً لذلك ونحن في ظل الاحتلال الصدامي.