خطبة الجمعة 19 جمادى الأولى 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: من أدعية الزهراء (ع) - القسم الثاني

- كان لي في الأسبوع الماضي تعليق على بعض عبارات الدعاء الذي رواه العلامة السيد محسن الأمين في كتابه «أعيان الشيعة» عن مولاتنا فاطمة الزهراء (ع) وأوّله: (اللهم قنِّعني بما رَزقتني، واستُرني وعافني أبداً ما أبقيتني).
- هذا الدعاء الذي يمسّ واقع كل فرد منا، وبشكل دائم. وقد قرأت مؤخراً خبرين لهما ارتباط مباشر بهذه المقاطع والتعليقات عليها.
- الخبر الأول حول ما بات يُطلق عليه في الغرب اسم (يوم الطلاق)، وهو أول يوم اثنين في شهر يناير من كل عام.. أي أوّل يوم عمل بعد إجازة الكريسمس ورأس السنة الميلادية.
- والسبب هو الارتفاع الحاد في عدد الأشخاص الذين يطلبون - في ذلك اليوم - من مكاتب المحاماة المشورةَ حول أفضل الطرق لإنهاء العلاقة الزوجية.
- فما الذي يحدث في الفترة التي يُفتَرض أن يغلب عليها المرح بحيث يدفع الأزواج للطلاق؟
- عندما تقرأ التفاصيل تصل إلى نتيجة مفادها أن الضغوط المالية الحاصلة في هذه الفترة تُعدّ من أهم العوامل التي تدفع نحو خلق أو تجديد النزاعات الزوجية التي قد تصل إلى الطلاق... التجهيز للكريسمس ورأس السنة ومتطلبات ذلك من هدايا وسفر وتزيين واحتفال وغير ذلك.
- الخبر الثاني حول مراهق صيني باع - قبل خمس سنوات - إحدى كليتيه في السوق السوداء لشراء iPhone وiPad جديدين، ليثبت لزملائه في الدراسة أنه مواكب للتكنولوجيا.. ثم نتيجة المضاعفات الصحية أصبح الآن عاجزاً عن العمل، وبحاجة إلى رعاية صحية مستمرة.
- (اللهم قنِّعني بما رَزقتني... وما قدَّرتَه عليّ فاجعله ميسَّراً سهلاً).. هذه هي الوصفة لتجنّب الوقوع في مزالق المتطلبات الكمالية أو البهرجة الزائفة.
- في العهد العباسي عندما انتعشت المجتمعات الإسلامية مادياً، صار الناس يضعون في مزابلهم الطعام والكساء الجيّد ليراها الآخرون فيقولون إن أصحاب الدار أصحاب مال!
- وصار يُطلَق على هذا النوع من التصرّف مصطلح (النَّفْج).. واليوم يُطلق عليه البعض مصطلح (الهياط).. أي الاهتمام المبالغ به بالمظاهر بغرض التفاخر والترفّع على الآخرين.. كما الناقة حينما تكون في موسم التزاوج، فإنها تهايط كثيراً، أي تُصدر صوتاً عالياً لتلفت انتباه الجمل.
- (اتّقِ المحارم تكُن أعبدَ الناس، وارضَ بما قَسمَ اللهُ لك، تكُن أغنَى الناس...) هكذا رُوي عن رسول الله (ص).. وهكذا فلنسعَ أن نكون... اللهم قنِّعني بما رَزقتني، واستُرني وعافني أبداً ما أبقيتني، واغفر لي وارحمني إذا توفّيتني، اللهم لا تُعنِّني في طلب ما لم تُقدِّر لي، وما قدَّرتَه عليّ فاجعله ميسَّراً سهلاً..... اللهم فرِّغني لما خلقتني له، ولا تُشغِلني بما تكفَّلتَ لي به، إنك سميع مجيب.