خطبة الجمعة 12 جمادى الأولى 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: من أدعية الزهراء(ع) - القسم الأول

- روى العلامة السيد محسن الأمين في كتابه «أعيان الشيعة» الدعاء التالي عن مولاتنا فاطمة الزهراء (ع) مع الاختصار: (اللهم قنِّعني بما رَزقتني، واستُرني وعافني أبداً ما أبقيتني، واغفر لي وارحمني إذا توفّيتني، اللهم لا تُعنِّني في طلب ما لم تُقدِّر لي، وما قدَّرتَه عليّ فاجعله ميسَّراً سهلاً..... اللهم فرِّغني لما خلقتني له، ولا تُشغِلني بما تكفَّلتَ لي به....).
- دمار بعض الأُسَر يأتي نتيجة عدم القناعة.. رب الأسرة يريد الثراء السريع، ويُدخل نفسَه في دوامة من الديون، لينتهي به المطاف في السجن، أو منتحراً، أو هارباً من القانون.. ويترك وراءه أسرة بكاملها تعاني مرارة العيش بسببه.
- وقد تكون الزوجة بمطالبها اللا محدودة، وما تعيشه من حسد وغيرة من أخواتها وصديقاتها وجاراتها سبباً لتعاسة الأسرة وتفككها، وما يستتبع ذلك من دخول الأبناء في عالم الإجرام أو المخدِّرات أو غير ذلك.
- وقد يقع الشاب بتهوّره - نتيجة إلحاح الشهوات - فريسة لأمل الثراء السريع، أو تلبية رغباته الملحّة.. سيارات فارهة.. علاقات نسائية غير محدودة.. بذخ.. ويسعى لتحققها على طريقة الوجبات السريعة.. فيكون مصيره الدخول في عالم الممنوعات.. أو الصفقات المشبوهة.. وأمثال ذلك، مما يؤدي به إلى نهايات مأساوية.
- مفتاح الحل بسيط جداً.. كلمات قالتها الزهراء (ع) في دعائها: (اللهم قنِّعني بما رزقتني).. والله (عز وجل) يقول: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [طه:131].
- أي أن الرزق الحقيقي هو ما يكون في الآخرة للمؤمنين الصالحين.. من حيث الكيف والكم والامتداد الزمني هو خير من كل ما في هذه الدنيا.. مدّ عينيك لذلك الرزق.. لذلك العطاء.. وافعل ما يجعلك مستحقاً له.
- ومن جملة الالتفاتات الرائعة في هذا الدعاء المقطع التالي: (اللهم لا تُعنِّني في طلب ما لم تُقدِّر لي).. قد يتصوّر الإنسان أن ما أمامه بمثابة فرصة العمر.. فيبذل الجهد والوقت والمال والصحة... ولكن في نهاية المطاف يتبيّن له أنه كان سراباً فحسب.
- ولذا تدعو الزهراء (ع) أن يا رب افتح لي بصيرتي منذ البداية كي أميّز ما بين الأمور.. فوفّقني لتلك التي تعود عليّ بالخير، وتتحقق من خلالها النتائج الإيجابية.. ولا تجعلني أعاني الأمرّين في سبيل تحصيل ما لم تُقدِّر لي من خلاله ما يعود عليّ بالنفع، إما لأنه لن يتحقق، أو لأن فيه مضرّتي.
- وستكون لنا وقفة مجددة بإذن الله مع مقاطع أخرى من هذا الدعاء.