خطبة الجمعة 8 ربيع الأول 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: بين الكذب والإيمان


ــــ عن الإمام العسكري(ع) أنه قال: (جُعلت الخبائث كلُّها في بيت، وجُعل مفتاحُها الكذب).
ـــــ الكذب يجرّيء الإنسان على فعل الخبائث... فالإنسان الصادق يخاف أن يُسأل عن فعله المشين، فإن قال الحقيقة افتُضح، ولذا فهو يتجنّب الخبائث قدر الإمكان حفاظاً على سمعته، أو تجنباً للعقوبة، أو لتبعات أخرى مترتبة على ذلك الفعل القبيح والخبيث والمنكر.
ــــــ ومن هنا، نستطيع القول أن الكذب يفتح للإنسان أبواب جهنم في الآخرة.
ــــ من جهة أخرى يقول تعالى: (إنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [النحل:105].
ــــ إنما (أداة حصر)، وهذا يعني أن الذي يتعمّد الكذب، ويختلقه لأغراض باطلة، لا يمكن أن يكون من المؤمنين بآيات الله، وبالدلائل الواضحة على وجوده سبحانه وإحاطته بالأمور، وعلى عدله المستلزم للحساب والثواب والعقاب في الآخرة.
ــــ لأن الإنسان الذي يؤمن بهذه الدلائل، سيعلم أنه محاسب على هذا الكذب، كما أنه سيُحاسَب حساباً شديداً على الخبائث والمنكرات التي سيرتكبها انطلاقاً من أنه استسهل الكذب.. ولذا فسيرتدع عنها بشكل كبير، ولربما بشكل كامل.
ــــ وقد روي أن عبد الله بن جَرَاد سأل النبي (ص): (هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك، قال: هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك، قال: هل يكذب المؤمن؟ قال: لا. ثم أتبعها النبي(ص): {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}).
ــــ إن الكذب من كواشف بواطن الإنسان وحقيقته، وإن أردت أن تعرف مدى عمق الإيمان ومصداقيته عند الآخرين، سواء عند الرغبة في تكوين الصداقات، أو مسائل الخطوبة والزواج، أو غير ذلك من المجالات الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية، فإنّ الاتصاف بالصدق على طول الخط، أو الكذب، يُعدّ من أوائل وأهم تلك العلامات والدلائل، لاسيما بلحاظ ارتباط الكذب بعدم الإيمان وبالنفاق أيضاً كما جاء في القرآن الكريم. وقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شيء قد اعتاده، ولو تركه استوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته).