خطبة الجمعة 15 شوال 1439: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الإنسان والأخلاق

ـــــ في الصحيفة السجادية وتحت عنوان: (وكان من دعائه (ع) في مكارِمِ الأخلاق ومرضِيِّ الأفعال) قال الإمام زين العابدين (ع): (اللَّهُمَّ لا تَدَعْ خَصْلَةً تُعَابُ مِنِّي إلاّ أَصْلَحْتَهَا، وَلا عَآئِبَةً أُؤَنَّبُ بِهَا إلاّ حَسَّنْتَهَا، وَلاَ أُكْرُومَـةً فِيَّ نَاقِصَةً إلاّ أَتْمَمْتَهَا).
ــــ للأخلاق ومكارمه موقعية خاصة في تعاليم الإسلام، وموضوعة من موضوعات الرسالة السماوية: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) [آل عمران:164].
ــــ فعملية التزكية تشمل بعث القيم الأخلاقية في النفوس، وترسيخها، ومكاملتها، وتوضيح المبهمات منها.
ــــ وبها يكتمل الإيمان، فعنه (ص): (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)، وبها يرتفع مقام الإنسان عند ربه، فعن النبي (ص): (أحبُّ عبادِ الله إلى الله أحسنُهم خلقاً).
ـــــ القيم الأخلاقية فطرية تولد مع الإنسان، ولكنها بمرور الزمان وتأثير العوامل المختلفة كالتربية والبيئة وضغط الرغبات الشخصية وغير ذلك، تخبو، وتضعف، وتختفي، وتتبدل، وتصبح معالمها غير واضحة.
ــــ الرسالات السماوية تعيد إليها الحياة، وبريقَها الضائع، وتُكاملها، وتُحفّز على التمسّك بها، وتُبيّن أبعادها الدنيوية والأخروية، ليتحقق من خلال ذلك تكامل الإنسان كفرد، وليتحقق للمجتمع في العلاقات البينية المختلفة شيء من الاستقرار والأمن.
ــــ ويقدّم الإمام زين العابدين بعد ذلك المقطع السابق مجموعة مِن القيم الأخلاقية الإيجابية التي ترتقي بالإنسان في سلوكياته الاجتماعية، وتعمل على توطيد الأمن في المجتمع إن التزم بها الآخرون: (اللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّـد وَآلِـهِ وَحَلِّنِي بِحِلْيَـةِ الصَّالِحِينَ، وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ المُتَّقِينَ فِيْ بَسْطِ الْعَدْلِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَإطْفَاءِ النَّائِرَةِ وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإفْشَاءِ الْعَارِفَةِ، وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ، وَلِينِ الْعَرِيكَةِ، وَخَفْضِ الْجَنَـاحِ، وَحُسْنِ السِّيرَةِ، وَسُكُونِ الرِّيـحِ، وَطِيْبِ الْمُخَالَقَـةِ، وَالسَّبْقِ إلَى الْفَضِيلَةِ، وإيْثَارِ التَّفَضُّلِ، وَتَرْكِ التَّعْبِيرِ وَالإفْضَالِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ وَالـقَوْلِ بِالْحَقِّ وَإنْ عَـزَّ، وَاسْتِقْلاَلِ الخَيْـرِ وَإنْ كَثُـرَ مِنْ قَـوْلِي وَفِعْلِي، وَاسْتِكْثَارِ الشَّرِّ وَإنْ قَلَّ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي).
ــــ ومع وضوح الموقعية المتميز للأخلاق في تصوراتنا، وجمال الصورة التي ترسمها، إلا أن في البين مَن صار يتحدّث بمنطق آخر يتعارض مع ما قدّمت.. وهو ما سأبيّنه عنه في الخطبة الثانية بإذن الله تعالى.