خطبة الجمعة لسماحة الشيخ علي حسن غلوم حول الرسالية عند آنصار الامام المهدي ج٢


آلقيت في ٧ آغسطس٢٠٠٩
ـ نصوص عديدة حول أنصار المهدي وعدد قادتهم وخصائصهم وصفاتهم.
مثال1: في صحيح مسلم عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله ص: (.. إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم. هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ).
مثال2: في إعلام الورى للطبرسي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام: (.. فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً..).
أنصاره رساليون: ومِن أهم صفات أنصار المهدي هي الرسالية، فهم كما جاء في الآية القرآنية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(المائدة:54)
ـ هذه الرسالية تجعل الإسلام عندهم ليس حالة ذاتية انكفائية، بل حركة في الداخل تحرّك عقولهم وأرواحهم وجوارحهم، وحركة في خارج الذات تملأ الحياة من حولهم بالحيوية في اتجاه التغيير لتحقيق العدل وإحقاق الحق.
ـ هذه الرسالية تجعلهم لا يهتزّون أمام أية قوة قد تواجههم، ولا يترددون في المضي وإن اتحد العالم ضدّهم.
ـ هذه الرسالية تجعل مصالحهم الشخصية لا تمثِّل بالنسبة إليهم أية قيمة، بل تُقدَّم كقرابين أمام عزة الإسلام والمصحلة العامة كما قال علي: (ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصة).
ـ هذه الرسالية تذوّب انتماءاتهم القومية والعرقية والحزبية والطائفية فلا تتعدى أن تكون خصوصيات شخصية لا تشكّل دافعاً أو عائقاً في تحركهم نحو الهدف الكبير تحت راية المهدي الذي يخرج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
ـ كثيرون هم الذي يتطلعون لنصرة الإمام، ويقرؤون ما يقرؤون من أدعية ويأتون بأعمال خاصة في هذا الإطار، ويعلنون استعدادهم للنصرة يالقيام عند ذكر عنوان (القائم)، ويطلبون تعجيل الفرج، وبعضهم يؤكد على قرب زمن الظهور، أقول: على كل واحد منهم أن يسأل نفسه: هل هو مسلم رسالي؟ هل يحمل همّ الإسلام؟ هل انعدام العدل خارج نطاق دائرة حركته في الحياة وفي ما لا يتعارض مع مصالحه يمثّل مشكلة بالنسبة إليه؟ هل يقدّم مصلحة الإسلام والمصلحة العامة على مصالحه الشخصية؟ هل هو على استعداد للتنازل عن مكتسابته الذاتية وتقديم الآخرين على نفسه في المواقع القيادية والمناصب العليا لو تطلب الأمر ذلك؟
ـ الشهيد الصدر عالم رسالي + الذين يجولون غابات أفريقيا للدعوة + الشباب الذين يسهرون لنشر العقيدة
ـ التدين وحده لا يعني بالضرورة أن المتدين إنسان رسالي.
ـ اكتساب المعارف الدينية والتخصص الشرعي لا يجعلان من العالم شخصية رسالية..
ـ الانتماء إلى الأحزاب والحركات الإسلامية ليس معياراً لتقييم مدى رسالية المسلم..
ـ وكم من متديّن لا يرى للدين موقعاً إلا في زوايا المساجد.. وكم من عالم منكفئ على نفسه أو يعتبر علمه حالةً أكاديميةً لا أكثر.. وكم من حزبي أطّر حركته بمصالح حزبه فكانت حزبيته مقدَّمة على إسلاميته.
ـ إن الرسالية ليست بالعناوين ولا بالمناصب ولا بالانتماءات ولا بمجرد العلم ولا بالتدين فقط، بل كما كان المسلمون في عصور مضت حيث كان إسلامهم دعوةً ـ كممارستهم له ـ وبصورة عفوية انطلاقاً من الإحساس العميق بأن الإسلام يجب أن يملأ الحياة بمبادئه وتطبيقاته. ولذا كانت الشخصية الرسالية حاضرة بقوة في شخصية المسلم في تلك العصور.
ـ التاجر لم تمنعه انشغالاته في تجارته وتحقيق أرباحه المادية من أن يكون داعيةً إلى الله سبحانه قولاً وعملاً، في حِلِّه وترحاله، ولو ببناء مسجد صغير أو بيتٍ للقرآن أو مشروع خيري.. ولذا كان في طول تجارته مسلماً رسالياً.
ـ المحارب يستغل فترات الهدنة أو السلم لأن مهمته لم تنتهِ بانتهاء الحرب، بل يجد مسئوليته قد بدأت بذلك، لأن الحرب عنده ليست فتح البلاد للاستعمار، بل لإفساح المجال لكلمة الله أن تُقال وتُمارِس دورها في الإقناع بحرية.
ـ العالم ـ في ذات الوقت الذي ينشغل فيه بكسب العلوم وتنمية مهاراته والترقي في مراتب المعرفة ـ لا يكتفي أن يُشار إليه بالبنان كشخصية تمتاز علمياً عمن سواها، بل كان الإنسان صاحب المشاعر المرهفة والغيرة المتجذّرة التي لا تسمح له أن يرى الظلم فيصمت، ويرى الباطل فيكتفي بالاسترجاع.
ـ فامتد الإسلام إلى أقاصي العالم.. بل وصلت لغزاة العالم الإسلامي، فلم يلبثوا أن يدخلوا في الإسلام.
ـ إن من يريد أن يكون من أنصار المهدي عجل الله فرجه يجب أن يكون رسالياً، لأن حركة المهدي حركة رسالية من أجل بسط العدل ونشر كلمة التوحيد، ورسالة الإسلام هي رسالة العدل ورسالة التوحيد، وهي مسؤولية المسلمين كلهم في الدعوة إليها وفي الالتزام بها، وفي تقوية مواقعها ومواقفها، وفي الامتداد بها إلى العالم كله، ليكون العالم كلُّه، بجهدنا وبما نملك من طاقة، إسلامياً.. تلك هي مهمتنا، لأن الله أرسل الرسالة للعالم كله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)(سـبأ: من الآية28) كما سيخرج المهدي عليه السلام لينقذ العالَم كلَّه.
الله وصَلِّ عَلى مَوْلايَ وَسَيِّدي الحجة بن الحسن، وَاجْعَلْني مِنْ اَنْصارِهِ وَاَشْياعِهِ وَالذّابّينَ عَنْهُ، وَاجْعَلْني مِنَ الْمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ طائِعاً غَيْرَ مُكْرَه فِي الصَّفِّ الَّذي نَعَتَّ اَهْلَهُ في كِتابِكَ فَقُلْتَ: (صَفّاً كَاَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصوُصٌ) عَلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَآلِهِ عليهم السلام.