خطبة الجمعة 30 جمادى الأولى 1439: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: قدوة النساء


نعيش هذه الأيام الذكرى السنوية لرحيل مولاتنا الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء (ع) عن هذه الدنيا الفانية. وللفيلسوف الأديب الدكتور محمد إقبال قصيدة رائعة فيها (ع) يقول في جانب منها:
نَسَبُ المسيحِ بَنى لمريمَ سيرةً بَقِيَتْ على طولِ المَدى ذِكراها
والمجدُ يُشرقُ مِنْ ثَلاثِ مَطالعٍ في مهدِ فاطمة، فَما أعلاها
هِيَ بنتُ مَنْ ؟ هِيَ زَوجُ مَنْ ؟ هِيَ أُمُّ مَنْ ؟ مَنْ ذا يُداني في الفَخارِ أباها
هِيَ وَمْضَةٌ مِنْ نُور عَينِ المُصطفى هادي الشعوبِ إذا تَرومُ هُداها
هِيَ رَحمةٌ للعالَمينَ وَكَعبةُ الــ آمالِ في الدُّنيا وفي أُخراها
وبعد أن يصف مطالع المجد المشرقة للزهراء (ع)، وهم النبي وعلي والحسنان (ع) يقول في وصفها ما هو بمثابة رسالة إلى كل فتاة، وكل زوجة وكل أم، قال:
الأُمَّهاتُ يَلِدْنَ لِلشَّمسِ الضِّياءَ وَلِلجَواهِرِ حُسنَها وَصَفاها
هِيَ أُسوَةٌ لِلأُمَّهاتِ وَقُدوَةٌ يَتّسمُ القَمَرُ المُنيرُ خُطاها
لَمّا شَكى المُحتاجُ خَلفَ رحابِها رَقَّتْ لِتِلكَ النفسِ في شَكواها
جادَتْ لِتُنقِذَهُ بِـــرَهْنِ خِمارِها يا سُحْبُ أينَ نَداكِ مِنْ جَدواها
نُورٌ تَهابُ النارُ قُدسَ جَلالِهِ وَمُنى الكَواكِبِ أنْ تَنالَ ضِياها
جَعَلَتْ مِنَ الصَّبرِ الجميلِ غِذاءَها وَرَأتْ رِضا الزَوجِ الكَريمِ رِضاها
فَمُها يُرَدِّدُ آيَ رَبِّكَ بَينَما يَدُها تُديرُ عَلى الشَعيرِ رَحاها
بَلَّتْ وِسادَتَها لَآلِئُ دَمْعِها مِنْ طُولِ خَشْيَتِها وَمِنْ تَقواها
جبريلُ نَحوَ العَرشِ يَرفَعُ دَمعَها كَالطَّلِّ يَروي في الجنانِ رُباها
لَولا وُقوفي عِندَ أمرِ المُصطفى وَحُدودِ شِرْعَتِهِ وَنحنُ فِداها
لَمَضَيتُ لِلتِطوافِ حَولَ ضَريحِها وَغَمَرْتُ بالقُبُلاتِ طِيبَ ثَراها
وأنا أقول:
لولا أمرُها بإعفاء قبرها وخفاءُ لحدِها ونحن فِداها
لَمَضَيتُ لِلتِطوافِ حَولَ ضَريحِها وَغَمَرْتُ بالقُبُلاتِ طِيبَ ثَراها
وأود هنا أن أتحدث عن العطاء في سبيل الله.. لاسيما من قبل الأخوات.. النذورات والمجالس التي تعقد والأموال التي تنفق يجب أن تكون في مكانها الصحيح
فالكثير من النذورات لا تدرك الأخوات كيف تنفق.. وهناك من ينتفع منها بلا معنى ولا حاجة.. بينما هناك الكثير من حالات العوز واليتم والحاجة إلى مسكن
هي أولى من هذه الإنفاقات بلا معنى.
عندما تحدثت الآية عن العطاء: (ويطعمون الطعام على حبه) لم تتوقف عند هذا الحد، بل بينت أن الإنفاق كان في مكانه الصحيح (مسكينا ويتيما وأسيرا).. ولا يهم مقدار العطاء
بل الإخلاص والإنفاق في المكان الصحيح هو الذي يعطي للعمل قيمته.