خطبة الجمعة 6 ربيع الأول 1439: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: التدريب على العقوق

عن العسكري (ع) أنه قال: (جرأة الولد على والده في صِغَره تدعو إلى العقوق في كبره).
ـــ يولد الطفل وهو لا يعلم ما المقبول وغير المقبول من التصرفات والسلوكيات، وهو يتعلم تدريجياً عن طريق مراقبة ما يحدث حوله، وكيف يتصرف أفراد عائلته، ويراقب أيضاً كيف تتم معاملته.
ـــ ويُشاهَد في بعض الأسر أنها من شدة حب الطفل تشجّعه على بعض التصرّفات التي لربما تكون لها آثار غير محمودة عندما يكبر ويصل إلى مرحلة المراهقة أو الشباب.
ـــ فعلى سبيل المثال يتم تشجيع الطفل على السب والتلفّظ بالكلمات غير اللائقة وذلك عندما يضحك الأهل ويطلبون منه تكرار هذه الكلمات من باب المزاح.
ــــ ولربما رغب هذا الطفل بعد ذلك في جذب انتباه الآخرين، وفي إطار المزاح، فيلجأ إلى ترديد مثل هذه الكلمات التي تُصبح تدريجياً جزءً من قاموسه اليومي.
ــــ وهكذا، لربما تمرّد الطفل على إخوانه وآذاهم، أو أخَذ حاجياتهم أو أتلفها، فلم يتلقَّ تعنيفاً أو توجيهاً من الوالدين، بل ولربما وجد استحساناً منهما وتشجيعاً لأنه الأحب إلى القلب، أو لأنه يشبه أحدهما.
ــــ في الحديث السابق، الإمام العسكري (ع) ينبّه إلى جانب من هذا الخلل التربوي، وأثره المستقبلي والمتمثّل في عقوق الوالدين، والذي يمثّل أخطرَ خلل في إطار العلاقة بين الأبناء والآباء.
ــــ هذه العاقبة السيئة تتحقق عندما لا تتم معالجة الخلل والطفل في هذا العمر المبكر، أو عندما يتم تقبّل هذا السلوك الخاطيء تجاه أحد الوالدين أو تجاههما، أو عند تشجيعه عليه.
ـــ هذا السلوك قد يكون بصورة إساءة الأدب من حيث أسلوب التعامل، أو بالمناداة بالاسم وليس بالعنوان، أو بتشجيع الأب للطفل بالإساءة إلى أمه أو بالعكس، وأمثال ذلك.
ــــ كل هذا يعدّ نوعاً من التدريب العملي والتهيئة للعقوق في المستقبل.. فهل من أولياء الأمور من يحب أن يعيش تجربة عقوق أبنائهم لهم؟ وأختم بهذا المقطع من دعاء الإمام زين العابدين (ع) لولده: (اللَّهُمَّ اشْدُدْ بِهِمْ عَضُدِي، وَأَقِمْ بِهِمْ أَوَدِيْ، وَكَثِّرْ بِهِمْ عَدَدِي، وَزَيِّنْ بِهِمْ مَحْضَرِي، وَأَحْييِ بِهِمْ ذِكْرِي، وَاكْفِنِي بِهِمْ فِي غَيْبَتِي، وَأَعِنِّي بِهِمْ عَلَى حَاجَتِي، وَاجْعَلْهُمْ لِي مُحِبِّينَ، وَعَلَيَّ حَدِبِينَ مُقْبِلِينَ مُسْتَقِيمِينَ لِيْ، مُطِيعِينَ غَيْرَ عَاصِينَ وَلاَ عَاقِّينَ وَلا مُخَالِفِينَ وَلاَ خـاطِئِينَ، وَأَعِنِّي عَلَى تَرْبِيَتِهِمْ وَتَأدِيْبِهِمْ وَبِرِّهِمْ).