خطبة الجمعة للشيخ علي حسن غلوم حول حب الله


ألقيت الخطبة في 17 رجب 1430 هـ
حب الله هو أسمى وأرقى أنواع العلاقة بين العبد وخالقه، أما علاقة أكثر المؤمنين به سبحانه فهي مبتنية على أساس المصالح الشخصية، فتركيزهم في الطاعات ـ عادةً ـ يكون على ما يترتب على الفعل من ثواب أو عقاب أخروي أو دنيوي، ولا أريد أن أخطّئ ذلك أو أعتبره شركاً، فالخطاب القرآني في كثير من موارده قائم على هذا الأساس، لأن الله يعلم حقيقة الإنسان، ولكن أريد أن أقول أن علاقة الحب بين العبد وخالقه علاقة أسمى وأرقى.
ليس حباً سريالياً:
وهذا الحب ليس حباً سريالياً يعيش خارج نطاق الواقع ويهيم بصاحبه في عالم الخيال، بل هو قائم على أسس واقعية، لأنه حب المخلوق لخالقه والمنعَم عليه للمنعِم، كما أن له ثماراً عملية تتلخص في أنه متى ما أحب العبدُ ربَّه، ترك ما لا يرضيه وسار على درب الصلاح الذي رسمه له، والذي يتمثل في اتباع القرآن وما نزل على حبيب الله المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(آل عمران:31). فهو حب يؤدي إلى صياغة الإنسان ليكون إنسان الله.. الإنسان كما يريده الله سبحانه..
ثمار عملية:
كما أن هذا الحب يمثِّل علاقة تبادلية، فمن أحب الله أحبَّه الله.. وعندها تثمر العلاقة عن آثار أخلاقية وسلوكية وعقلية ومعرفية عدة، منها:
1. عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: (من سره أن يعلم أن الله يحبه فليعمل بطاعة الله وليتَّبعنا، ألم يسمع قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: قل إن كنتم تحبون الله...).
2. وعنه عليه السلام: (إذا أحب الله تعالى عبداً ألهمه الطاعة، وألزمه القناعة، وفقَّهه في الدين، وقوّاه باليقين، فاكتفى بالكفاف، واكتسى بالعفاف. وإذا أبغض الله عبداً حبَّب إليه المال، وبسط له الآمال، وألهمه دنياه، ووكله إلى هواه، فركب العناد، وبسط الفساد، وظلم العباد).
ـ وعن الإمام علي عليه السلام: (إذا أحب الله عبداً حبَّب إليه الأمانة). وعنه عليه السلام: (إذا أحب الله عبداً زيّنه بالسكينة والحلم). وعنه عليه السلام: (إذا أحب الله عبداً ألهمه الصدق). وعنه عليه السلام: (إذا أحب الله عبداً ألهمه رشده ووفّقه لطاعته). وعنه عليه السلام: (إذا أحب الله عبداً وعظه بالعبر).