خطبة الجمعة 17 ذوالحجة 1438: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: احترام المسجد والمصلِّين


ـــ (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ، لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[النور:36-38].
ــــ هذا هو الوضع الطبيعي لبيوت الله، للمساجد.. وهذا لا يتحقق إلا بالمحافظة على أجواء السكينة والخشوع والهدوء.. وبأن يُعطَى المتعبِّدون فيه الفرصة للتقرب إلى الله سبحانه، فقد فرّوا من شواغل الدنيا التي لا تنتهي، وهمومها التي لا تنقضي، ليكونوا لفترة وجيزة بين يدي الله.
ــــ حَرَمُ المسجد هذا للعبادة، ولطلب العلم، ولتمتين علاقات الإخوة الإيمانية، ولكن ليس بمعنى أن يتحوّل إلى موقعٍ لرفع الأصوات ولو في الصلاة والذكر وتلاوة كتاب الله بصورة تشوّش على الآخرين وتُفقدهم التركيز، فضلاً عن أن يكون محلاً لتبادل الحديث والتسامر.
ــــ وقد روي أنه: (يأتي في آخر الزمان قوم يأتون المساجد، فيقعدون حَلَقاً، ذِكْرُهم الدنيا وحبُّ الدنيا، لا تجالسوهم، فليس لله فيهم حاجة).
ــــ الديوان مفتوح، والساحة الخارجية متوفرة أيضاً، ويمكن لمن أحب تبادل الحديث بهدوء وبمراعاة الأجواء والآداب العامة لبيت الله عز وجل أن ينتقل إليهما.. ولندَع هذا الحرم لما يحب الله.
ــــ وفي المقابل نتمنّى ألا يتحول ـــ أحياناً ـــ السعي لتصحيح الخطأ بتنبيه الغافلين، إلى سببٍ لارتفاع الأصوات، وحصول نوع من الفوضى التي تزيد من التشويش، ولا تؤدي إلى رفع الخلل، فالخطأ لا يُعالج بخطأ آخر، وينبغي أن يتم ذلك بكل احترام للإخوة الذين قد يغفلون في لحظةٍ ما، وينسون أنهم في محضر بيتٍ من بيوت الله.
ـــ ولنتذكر في نهاية المطاف الصورة القرآنية لأهل ذلك المسجد الذي أثنى عليه الله، فقال في وصفه: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة:108].