خطبة الجمعة 26 ذوالقعدة 1438: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: أبناء صوحان العبدي


ـــ جئت في خطبة ماضية على ذكر (زيد وصعصعة وسيحان) أبناءِ (صوحان العبدي)، وكلهم من أنصار أمير المؤمنين علي(ع). ووعدتكم أن تكون لي وقفة مجددة مع شيء من سيرتهم. وكنت قد ذكرت أنهم كانوا من أهل (دارين) بجزيرة (تاروت) بالقطيف.
ـــ أما زيد فقد كان أميراً في قومه، ومن خيار أنصار أمير المؤمنين، واستشهد هو وأخوه سيحان في معركة الجمل. عن الإمام الصادق(ع): (لمّا صُرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل، جاء أميرُ المؤمنين (ع) حتّى جلس عند رأسه، فقال: رحمك الله يا زيد، قد كنتَ خفيف المؤنة عظيمَ المعونة. قال: فرفع زيد رأسه إليه وقال: وأنت فجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين، فو الله ما علمتُك إلا بالله عليماً، وفي أُمّ الكتاب عليّاً حكيماً، وأنّ اللهَ في صدرك لعظيم، والله ما قاتلتُ معك على جهالة، ولكنّي سمعت أُمَّ سلمة زوجَ النبي (ص) تقول: ) حيث أنه لم يلقَ النبي وإن كان قد أسلم حال حياته (ص) (سمعت رسول الله (ص) يقول: مَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، فكرهت والله أن أخذلك فيخذلني الله).
ـــ أما صعصعة فقد امتدّت به الحياة إلى سنة 60 ه، وشارك في الجمل وصفين والنهروان، وكان أحدَ أبطالها، وجعله الإمام شاهداً على وصيته، وكان راوي الكتاب الرائع ومنقطع النظير الذي كتبه الإمام علي (ع) لمالك الأشتر لما ولاه مصر.
ـــ قال عنه ابن عبد البَر في كتابه (الاستيعاب في معرفة الأصحاب): (كان سيّداً من سادات قومه عبد القيس، وكان فصيحاً، خطيباً، عاقلاً، لَسِناً، دَيِّناً، فاضلاً، بليغاً).
ـــ علّق ابن أبي الحديد على قول الإمام علي (ع) عنه: (هذا الخطيب الشحشح) بقوله: (وكفى صعصعة بها فخراً أن يكون مثلُ علي(ع) يُثني عليه بالمهارة وفصاحة اللسان. وكان صعصعة من أفصح الناس).
ـــ مرض صعصعة ذات مرة فعاده الإمام(ع) ثم قال له: (يا صعصعة، لا تتخذ عيادتي لك أُبَّهةً على قومك).
وكان رد صعصعة كالتالي: (بلى والله، أُعدُّها مِنّة مِن الله عَليّ، وفضلاً).
فقال له الإمام: (إنّي كنت ما علمتك إلّا لخفيفَ المؤونة حَسنَ المعونة).
فقال صعصعة: (وأنت والله يا أمير المؤمنين ما علمتُك إلّا بالله عليماً وبالمؤمنين رؤوفاً رحيماً).
ـــ وبقي صعصعة وفياً لآل البيت (ع)، وروي أنه نُفي بسبب ذلك من الكوفة إلى جزيرة أوال (البحرين حالياً) وبها تُوفي ودُفن رحمه الله، وله فيها مقام معروف، فكان مصداقاً لقوله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23].