شهر رجب.. شهر المناسبات الإسلامية : مقال للحاج عمار كاظم


رجب الأصب.. رجب شهر الله الأصم، فقدروي عن ابن عباس أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء شهر رجب جمع المسلمين من حوله وقام فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وذكر من كان مثله من الأنبياء وصلى عليهم ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: أيها المسلمون قد أظلكم شهر عظيم مبارك، وهو الشهر الأصب، يصب فيه الرحمة على من عبده.. من صام يوماً واحداً في رجب أمن من الفزع الأكبر، وأجير من النار.. شهر رجب هو شهر عظيم الخير). وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (إن رجب شهر الله العظيم لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً، والقتال مع الكفار فيه حرام. ألا إن رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي، ألا فمن صام من رجب يوماً استوجب رضوان الله الأكبر وابتعد عنه غضب الله وأغلق عنه باب من أبواب النيران).

نعيش الذكريات الإسلامية العظيمة في هذا الشهر الكريم، ففي غرة رجب من عام 57 من الهجرة غمر بيت الرسالة الطاهرة موج من السرور والبهجة احتفاء بميلاد الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام، التي كانت داره في المدينة مركز إشعاع للهداية والفضيلة يقصدها طلاب العلم والمعرفة من سائر البلاد. كما نعيش في الثالث من رجب ذكرى وفاة الإمام العاشر من كوكبة أهل البيت عليهم السلام الإمام علي الهادي عليه السلام الذي نشأ وترعرع في ظل أبيه الإمام محمد الجواد عليه السلام وارث علوم أهل البيت، فقد كان عليه السلام قدوة في الأخلاق والزهد والعبادة ومواجهة الظلم ورفض الظالمين. وفي العاشر من شهر رجب الأصب نحتفل بذكرى إمامنا محمد الجواد عليه السلام الذي ساهم طيلة فترة إمامته في إغناء مدرسة أهل البيت عليهم السلام العلمية وحفظ تراثها والتي امتازت في تلك المرحلة بالاعتماد على النص والرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب المبارك تتقدم فاطمة بنت أسد إلى بيت الله الحرام وإلى الكعبة المشرفة لتخاطب ربها الله تعالى (رب إني معترفة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، وإنه بنى البيت العتيق فبحق الذي بنى هذا البيت والمولود الذي في بطني إلا ما يسرت عليّ ولادتي) ويولد علي أمير المؤمنين في الكعبة المشرفة تعظيماً له من الله سبحانه وإجلالاً، ويتقدم إليه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليضمه إلى صدره ويحمله إلى بيت أبي طالب.

وفي الخامس عشر من رجب ذكرى وفاة أم المصائب الحوراء زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام هذه المرأة المجاهدة الصابرة المحتسبة التي وقفت بجانب أخيها الحسين عليه السلام في كربلاء ذلك الموقف العظيم وهي تخاطب الله عز وجل (ربنا تقبل منا هذا القربان).. ونلتقي في الخامس والعشرين من هذا الشهر بذكرى وفاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام الذي ورث علوم أبيه وتشبع بروحه وأخلاقه وشب على صفاته وخصائصه ولقب (بالعبد الصالح) و(زين المجتهدين) لكثرة عبادته وتهجده و(الكاظم) لشدة تحمله وصبره على الأذى وكظمه للألم والغيظ.

ووُلد الإسلام في السابع والعشرين من شهر رجب الأصـب، وجـاء الخطاب الالهي لنبي الرحمة (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين).. ليحمل نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم مشعل الخير والهدى والخلاص للعالمين مبشراً للناس بالجنة والسير على الخط المستقيم، ومنذراً بالنار لمن ينحرف عن هذا الصراط.. من كل ذلك ألا يحق لنا أن نعيش ونحيي هذا الشهر العظيم بما يحمل من هذا العطاء الكبير، نسأل الله تعالى أن يعيننا على صيامه وقيامه، إنه سميع مجيب.

تاريخ النشر 27/06/2009
جريدة الوطن الكويتية