خطبة الجمعة 13 جمادى الأولى 1438: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الزهراء.. وتر في غمد


ــــ الأديب المسيحي الأمريكي المولد، واللبناني الأصل: الأستاذ سليمان كتاني، (ت2004) يمثّل نموذجاً من الكتّاب الذين تجاوزوا إطار المعتقد، ليتفاعلوا مع الحقائق والشخصيات كما هي.
ـــ وحين قرأ السيرة النبوية وسيرة أهل بيته الكرام وجد في أصحابها نماذج تستحق أن تُقدَّم للإنسانية بصورتها المشرقة، بعيداً عن تأثيرات الانتماء والتمايز.
ــــ في عام 1967 أعلن النجف الأشرف عن مسابقة عالمية للكتابة في أمير المؤمنين(ع)، اشترك فيها عشرون مؤلفاً، فحاز الكتاني على المرتبة الأولى عن كتابه (الإمام علي: نبراسٌ ومتراس).
ـــ وبعد عام واحد اشترك في المسابقة الأخرى التي أعلنت عنها كربلاء حول الزهراء(ع)، وحاز مجدداً على المرتبة الأولى، وصدر كتابه (فاطمة الزهراء: وَتَر في غِمد)، وقد أبدع في تقديم صورة الزهراء (ع) في طُهرها ومقامها الشامخ.
ــــ انطلق الأديب الكتاني ـــ في النص التالي ـــ من صورة الطهر والعفاف لدى السيدة مريم البتول ليقدم صورة أدبية رائعة لطهر وعفاف السيدة فاطمة الزهراء، ليمثّلا بذلك أيقونتان لتقوى المرأة.
إيهٍ فاطمة!
يا ثَغراً تحلّى بالعفاف، فطابَ رِضابُه..
ويا عُنُقاً تجمّل بالمَكرُماتِ، فذَكا إهابُه..
لقد عبَقَ خطُّ وَصْلِك ببنتِ عِمْرانَ، يا ابنةَ المصطفى..
فتلك مريمُ، ما فَرَشَت الأرضَ إلا من نُتَفِ الزنابِق..
وأنتِ النفحةُ الزهراءُ، ما نَفثْتِ الطِّيبَ إلا مِن مناهلِ الكوثر..
والخطُّ خطُّ الطهرِ والعفافِ، ما زنَّر الأرضَ إلا خفَّف إرهاقَها..
ولا عانق الأجيالَ إلا لوَّن آفاقَها..
والأرضُ ـــ لولا هذا الأثيرُ يغمرُها ـــ تأجّن..
والزمنُ ــــ لولا هذا العبيرُ يرشُفُه ـــ يأسَن..
يا بتولُ، يا أمَّ أبیك..
لقد كانت النبوةُ طِفلَك البِكر..
داعبتیه بیَد.. قبلتیه بفم.. عانقتیه بعَین.. رافقتیه بقلب.. حضنتیه بروح.. ضممتیه بشوق..
فاشتعَلَت بین حناياكِ أشواقُ السماء..
والتھبَت فى مَحجِرَيْك أثقالُ المعانى..
لقد ذاب الترابُ، في المَصھر، يا ابنه الجنة..
ھكذا ـــ يا ابنةَ أبیكِ ـــ أصبحَت الوصیة..
يا طیبَ الأمومة.. يا منتھى العفة.. يا طھارةَ المِردَن.. يا نحیلة.. (المردن=المغزل)
أيُّ فتى ھو فتاك؟ (علاقتها بزوجها)
ما اندغَمْتِ فى رحابِه إلا كما يندغِمُ النورُ فى كأسٍ شفیف..
يا عناقَ الحب.. يا وُصلةَ العُمر.. يا امتزاجَ المسكِ بالعنبر..
يا اعتصار الشوقِ من قلبِ العُفْر (العفر=شدة الشوق)
يا أم ريحانتینِ جسّدا أشواقَ النبوة.. يا لَبِنَةَ البقیع..
يا كبرياءَ النفسِ فى عُنفوانِ الجَفر..
أيةُ دمعةٍ لیس لھا أن تُحرِقَ مُقلتیكِ؟ (حزنها على وفاة أبيها)
وأنتِ فوق ضريحٍ، ثَوَى فیه مُخمَلُ الكف، وحِنوةُ القلب، ورَنوةُ العین، وھَلّةُ الجبین، ودَفقةُ المَبسِم، وھالةٌ كالديمةِ موصولةُ العَبَقِ بغارِ حِراء.. ومَسحةٌ كالنورِ فیھا كلُّ العزاء..
وذابَ حِبرُ الوصیةِ يا أَنُوق.. (أنوق = طائر الذي يعيش على القمم)
وبقیتِ على الخطِّ الكريم.. يا عديلةَ مريم.. يا قیثارةَ النبى..
يا ثورةَ اللحْد.. ويا وَتَراً فى غِمْد .