خطبة الجمعة 1 ربيع الثاني 1438: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: معنى المعاشرة بالمعروف


ـــ أراد الله سبحانه أن يجعل الحياة الزوجية مبتنية على المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف.
ـــ وقد وردت التوصيات والأوامر الإلهية في القرآن الكريم بالمعاشرة بالمعروف باستعمال كلمة المعروف باشتقاقاتها 14 مرة، من بينها قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:19]، وقوله سبحانه: (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [البقرة:231].
ــــ والمعاشرة بالمعروف تعني أن تتم المعاشرة بينهما بأسلوب لائق، منسجم مع تعاليم الشرع، وأعراف المجتمع، وذلك من خلال:
1) أن يؤدي كل منهما للآخر حقوقه، لا ضمن الحد الأدنى من الحقوق، والذي يُذكر عادة في الكتب الفقهية، كأن يعطيها مثلاً ثوباً للشتاء وثوباً للصيف، وبالمقابل هي تطالبه بثمن الرضاع.. هذه ليست معاشرة بالمعروف.. هذا قمة النكد الزوجي.. بل المراد أن يكون ذلك ضمن المستوى المتعارف وضمن الإمكانات المادية المتاحة.
2) أن يكون هناك احترام متبادل، فإذا كان الزوج مثلاً يجرح مشاعر زوجته بالحديث السلبي عن أهلها، أو عن صفاتها الجسدية، أو كان يهينها ويذلها، أو كانت الزوجة سليطة اللسان تُعيب على زوجها حالته المادية مثلاً، أو مستواه التعليمي، فهذا كله ليس من المعاشرة بالمعروف.
ـــ وأما تحديد القوامة للرجل في إطار العلاقة الزوجية من خلال قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء:34] فلا يعني السماح للزوج بظلم زوجته وقهرها وإيذائها والتعدي على حقها.
ـــ قوامة الزوج على زوجته ليست رفعاً لقيمة الذكر على الأنثى، ولا الزوج على الزوجة، بل هو إجراء تنظيمي، لأنّ بيت الزوجية يمثّل مؤسسة إنسانية، فيها المسؤوليات المادية والعاطفية والحياتية، فلا بدّ أن يكون هناك نوع من تنظيم هذه الحياة. وبالتالي فالقوامة تكليف، لا تشريف.
ـــ فمن خلال القوامة يتم تكليف الزوج ببعض الواجبات تجاه النواة الاجتماعية التي تأسست مشاركةً مع زوجته، وأعطيت له في المقابل بعض الصلاحيات كحق الطلاق.
ــــ علماً بأن للزوجة أن تشاركه في ذلك لو اشترطت عليه في العقد أن تكون وكيلةً عنه في ذلك.
ـــ وبالتالي فإن القوامة لا تتنافى مع المعاشرة بالمعروف، لأنها لا تعني أبداً التسلط والقهر والإيذاء والاستضعاف والإساءة، ولو أصر على مخالفة ذلك، فإن لها ردعه ـــ لو أرادت ـــ وبحكم الشرع.
ـــ إن الله عزوجل لا يرضى بالظلم، فكيف لو كان منشأ الظلم هو سوء الاستغلال للصلاحيات المعطاة من قبل الله؟ ولذا قال عزوجل بعد بيان بعض أحكام العلاقة الزوجية: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:229]، وقال سبحانه: (وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة:231]، وقال عز اسمه: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) [البقرة:235]. وللحديث تتمة في الخطبة الثانية بإذن الله تعالى.