خطبة الجمعة 27 محرم 1438: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: من دعاء ختم القرآن


ـــ في الصحيفة السجادية دعاء بعنوان (وكان من دعائه عليه السلام عند ختم القرآن) وتحدث فيه الإمام عن عدة قضايا متعلقة بقيمة القرآن ومميزاته ومسؤوليتنا تجاهه.
ـــ ومن بين النقاط التي تحدث عنها الدعاء: التأكيد على أفضلية القرآن وهيمنته على ما سواه من كتب أنزلها على من سبق من النبيين(ع)، قال: (اللَّهُمَّ إنَّكَ أَعَنْتَنِي عَلَى خَتْمِ كِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ نُوراً، وَجَعَلْتَهُ مُهَيْمِناً عَلَى كُلِّ كِتَاب أَنْزَلْتَهُ، وَفَضَّلْتَهُ عَلَى كُلِّ حَدِيث قَصَصْتَهُ).
ـــ ومن المؤسف أن نجد إعراضاً كبيراً عن تلاوة كتابه الله وتعلّمه في أوساط الشباب، لا لمجرد الإهمال والتشاغل، بل لكثير من الشبهات التي باتت تُطرَح عليهم حول مصداقية كتاب الله وقيمته العلمية والروحية والعملية.
ـــ هذا الأمر يستدعي منا العناية الفائقة بالرد على الشبهات المثارة في هذا الاتجاه، وعدم الملل والكسل، لأن الأمة إذا فقدت مرجعيتها القرآنية خسرت هويتها، وضاعت في متاهات الضلال.
ـــ ولذا وجّه الإمام زين العابدين(ع) في هذا الدعاء إلى ضرورة فهم القرآن فهماً يؤدي إلى التصديق
بما فيه من عناصر الإيمان والتشريع والأخلاق والحكمة، علاوة على ما جاء فيه من قصص وإخبارات تاريخية غيبية متعلقة بالماضي والمستقبل، وإن لم نُدرك أحياناً حقيقة ما تشابه وتأويله.
ـــ قال (ع): (اللَّهُمَّ فَإذْ أَفَدْتَنَا الْمعُونَةَ عَلَى تِلاَوَتِهِ، وَسَهَّلْتَ جَوَاسِيَ أَلْسِنَتِنَا بِحُسْنِ عِبَارَتِهِ، فَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَرْعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ، وَيَدِينُ لَكَ بِاعْتِقَادِ التَّسْلِيْمِ لِمُحْكَمِ آياتِهِ، وَيَفْزَعُ إلى الإِقْرَارِ بِمُتَشَابِهِهِ وَمُوضَحَاتِ بَيِّناتِهِ).
ـــ الأمر الآخر الذي نبّه عليه الدعاء هو التأكيد على سماوية القرآن: (فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد الْخَطِيْبِ بِهِ، وَعَلَى آلِهِ الْخُزّانِ لَهُ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْتَرِفُ بِأَنـَّهُ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى لاَ يُعَارِضَنَا الشَّكُّ فِي تَصْدِيقِهِ وَلاَ يَخْتَلِجَنَا الزَّيْغُ عَنْ قَصْدِ طَرِيقِهِ).
ـــ ولا يخفى ما نتعرّض له من حملات متتالية تسعى إلى إسقاط هذا الاعتبار لكتاب الله، وتصويره على أنه من تأليف النبي(ص) من وحي عبقريته، أو أنه من صياغة النبي اعتماداً على الإلهامات السماوية التي كان يتلقاها من عند الله.
ـــ ويؤكد الإمام (ع) على أن إدارك هذه الحقائق تستدعي التمسك الحقيقي والفاعل بكتاب الله: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْتَصِمُ بِحَبْلِهِ، وَيَـأْوِي مِنَ الْمُتَشَـابِهَاتِ إلَى حِرْزِ مَعْقِلِهِ، وَيَسْكُنُ فِي ظِـلِّ جَنَاحِهِ، وَيَهْتَدِي بِضَوْءِ صَاحِبِهِ، وَيَقْتَدِي بِتَبَلُّج إسْفَارِهِ، وَيَسْتَصْبحُ بِمِصْباحِهِ، وَلا يَلْتَمِسُ ألْهُدَى فِي غَيْرِهِ).
ـــ نسأل الله عزوجل أن يوفقنا إلى كل ذلك، فيشغلَ ألسنتا بتلاوته، ويشغلَ عقولَنا بالتفكر في آياته، ويشغلَ قلوبَنا باستشعار عظمته، وأن يهديَ بنا إلى كتاب الله مَن أعرَضَ عنه، إنه سميع مجيب.