لماذا سميت منطقة ذي الحليفة باسم أبيار علي ؟

لماذا سميت منطقة ذي الحليفة باسم أبيار علي ؟

طرح مؤخراً في كثير من مواقع الإنترنت ادعاء أن ميقات (ذي الحليفة) إنما سمي بـ (أبيار علي نسبة إلى ملك دارفور المسمى (الملك علي بن دينار) ، ويبدو أن أول من أثار القضية هو إمام جمعة باسم الدكتور (صفوت حجازي) قال:
(( لعل بعضنا يعرف أبيار علي، وهي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينوي عنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة، وكانت تسمي في زمن النبي صلي الله عليه وسلم ذي الحليفة. ولعل البعض يظن أنها سميت أبيار علي نسبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا غير صحيح.. والصحيح أنها سميت بذلك نسبة لعلي بن دينار. وعلي بن دينار هذا جاء إلي الميقات عام 1898م حاجاً أي منذ حوالي مائتي عام، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة... ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار.أتدرون من هو علي بن دينار هذا؟ إنه سلطان دارفور. تلك المنطقة التي لم نسمع عنها إلا الآن فقط لما تحدث العالم عنها، ونظنها أرضاً جرداء قاحلة في غرب السودان، كانت منذ عام 1898م وحتى عام 1917م سلطنة مسلمة، لها سلطان اسمه علي بن دينار)) .
الرد :
لا يصح كلام الدكتور صفوت ، فقد ورد اسم المنطقة ونسبة التسمية إلى الإمام علي عليه السلام في كتب قديمة وقبل أن يولد الملك علي بن دينار بمئات السنين. لاحظ النصوص التالية:
1ـ قال بدر الدين محمود العيني في كتابه عمدة القاري في شرح صحيح البخاري - ج 17 - ص 225 مايلي:
(( فلما أتى ذا الحليفة أي : فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، المكان الذي يسمى ذا الحليفة ، وهو ميقات أهل المدينة وهي التي تسمى : أبار على ، رضي الله تعالى عنه )).
ـ أقول: العيني ولد عام 762 هـ (1361 م) وتوفي في 855 هـ (1451 م) ، وهو كما ترى قد ذكر أن عوام الناس يسمون المنطقة بهذا الاسم نسبة للإمام علي عليه السلام. أما ملك دارفور فقد جاء إلى الميقات عام 1898م ، أي بعد النص السابق بـ 450 سنة تقريباً ، فكيف تكون التسمية باسم ملك داروفور ؟!!
2ـ قال زين الدين ابن نجيم المصري الحنفي في كتابه البحر الرائق - ج 2 - ص 555 :
(( وذو الحليفة - بضم الحاء المهملة وبالفاء - بينه وبين مكة نحو عشر مراحل أو تسع ، وبينه وبين المدينة ستة أميال كما ذكره النووي ، وقيل سبعة كما ذكره القاضي عياض ، ميقات أهل المدينة وهو أبعد المواقيت وبهذا المكان آبار تسميه العوام آبار علي )).
أقول : توفي ابن نجيم عام 970 هـ (1563 م) أي قبل زيارة الملك علي بن دينار بـ 300 سنة تقريباً !!
3ـ قال عبدالوهاب الشعراني الحنفي في كتابه العهود المحمدية ص 60 :
(( أخبرني شيخي الشيخ أمين الدين إمام جامع الغمري وكان حاجا معهم : أن سيدي عبد القادر الدشطوطي لم يدخل الحرم المدني وإنما ألقى خده على عتبة باب السلام من حين دخل الحج للزيارة حتى رحلوا وحملوه وهو مستغرق ، فما أفاق إلا في مرحلة أبيار علي رضي الله عنه )) .
أقول : ولد الشعراني في 898 هـ ( 1493 م ) وتوفي 973 هـ ( 1565 م) أي قبل زيارة الملك علي بن دينار بأكثر من 300 سنة !!
4ـ قال علاء الدين محمد بن علي الحصكفي في الدر المختار في فقه الإمام أبي حنيفة النعمان ـ ج 2 ـ ص 522 :
(( ذو الحليفة بضم ففتح : مكان على ستة أميال من المدينة وعشر مراحل من مكة ، تسميها العوام أبيار علي رضي الله عنه )) .
أقول: ولد الحصكفي عام 1025 هـ (1616 م) وتوفي 1088 هـ (1677 م) ، أي قبل زيارة الملك علي بن دينار بأكثر من 200 سنة !!
5ـ قال إسماعيل بن محمد العجلوني في كتابه كشف الخفاء - ج 2 - ص 418 :
(( وقال ابن أمير حاج وفي ذي الحليفة آبار تسميها العوام آبار علي )).
أقول : ولد العجلوني عام 1087 هـ (1676 م) وتوفي 1162 هـ (1749) م ، أي قبل زيارة الملك علي بن دينار بأكثر من 100 عام !!
نعم فالقوم لم تكن لهم راحة إلا بمحو كل مكرمة لأمير المؤمنين علي عليه السلام ، بل و محو اسمه من ذاكرة التاريخ ( لا والله إلا دفنا دفنا !! ) .. وها هم يعودون مجدداً لسيرتهم الأولى !!