خطبة الجمعة 24 جمادى الأولى 1437: الشيخ علي حسن : خ الأولى: لماذا لم يلغ الإسلام نظام الرق /1


ـ جاء في وصية علي(ع) وهو على فراش الموت: (الله الله في النساء وما ملكت أيمانُكم، فإن آخر ما تكلم به رسول الله (ص) أن قال: أوصيكم بالضعيفين، نسائِكم وما ملكت أيمانُكم).
ـ من الإشكالات التي باتت تطرح مجدداً ـ وبقوة ـ من قبل الملاحدة الجدد: موقف الإسلام من الرق.. لا سيما بلحاظ الممارسات الوحشية واللاإنسانية التي يقوم بها التكفيريون في هذا الإطار.
ـ وباختصار يقولون: إذا كان الإسلام قد كرّم الإنسان ـ فعلاً ـ فلماذا لم يلغِ نظام الرق؟ والجواب في نقاط:
1. لم يؤسس الإسلام لنظام الرق والعبودية، بل نزلت الرسالة الإسلامية ونظام الرق معمول به قبل ذلك بآلاف السنين، وهو نظام كانت تعتمد عليه المجتمعات البشرية، وله أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ـ (وول ديورانت) في موسوعته (قصة الحضارة) اعتبر أن ظهور نظام الرق كان بمثابة (تقدم أخلاقي عظيم) للبشرية، ففي حين اتجه الإنسان إلى الزراعة واحتاج إلى اليد العاملة الرخيصة أو المجانية، استعاض عن قتل العدو المحارب، بالإبقاء على حياته أسيراً ليصبح يداً عاملة شبه مجانية، مع الحفاظ على شيء من كرامته.
ـ وبمرور الزمان غدا العبد كالآلة أو الحيوان مسلوب الإرادة، حتى كان مقبولاً أن يُلقى العبد في حلبة المصارعة مع مجموعة من الأسود ليقاتلها وتنهشه، كنوع من أنواع الترفيه والترويح على النفس!
ـ وكان يُنظر إلى نظام العبودية على أنه نظام فطري طبيعي لا غنى عنه، حتى في التصور الإفلاطوني للمدينة الفاضلة، حيث قضى بحرمان الرقيق حق المواطنة وإجبارهم على الطاعة، وإلا فالعقوبة.
ـ واعتبر أرسطو أن فريقاً من الناس مخلوقين للعبودية؛ فهم كالآلات التي يتصرف فيها ذوو الفكر والمشيئة.
ـ وتُوسِّع في موارد العبودية، فلم تتوقف المجتمعات عند حد أسرى الحروب، بل صار اختطاف الأحرار مورداً آخر، وهكذا سُمح للحر أن يحوّل نفسه أو بعض أهله إلى عبيد في المقامرات الخاسرة، أو أن يبيعهم في حالات الفقر الشديد، أو في مقابل ديونه، أو تُفرض كنوع من العقوبة في حالة السرقة أو القتل.. وغير ذلك.
ـ ضمن هذا الوضع أصبح نظام الرقيق عاملاً اقتصادياً واجتماعياً حيوياً، حتى أن إحصائية أجريت عام 317 ق.م. لمنطقة (أتيكا) التي كانت تشمل أثينا الحالية في اليونان، قَدّرت أن تعداد سكانها(21.000) والغرباء (10.000)، والعبيد (400,000)!
2ـ وببعثة النبي(ص)، جاء الإسلام بمجموعة من التعاليم التشريعية والأخلاقية التي حققت نقلة نوعية على مستوى التعامل مع هذا النظام.
وسأتحدث عن هذه النقطة وآثارها في الخطبة الثانية بإذن الله تعالى.