ـ جاء في جانب من وصية أمير المؤمنين(ع) لابنه الحسن المجتبى(ع): (يَا بُنَيَّ، اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيَما بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا).
ـ فكما تُحب من صديقك أن يُخلص لك في صداقته، ويقف إلى جوارك في الملمّات، فعليك أن تبادله ذلك.. وهذا لا يختص بالصديق، بل يشمل الناس كافة.
ـ كما تحب من جارك أن يراعي الجيرة فلا يزعجك.. راقب سلوكك وراجع تصرفاتك تجاهه، هل أنت له كما تحب أن يكون هو لك؟
ـ وكما تريد من الآخرين من مواطنيك أن يعاملوك باحترام وأنت تقود سيارتك، أو حين تُنجز معاملة، أو عندما تتبضّع في الأسواق، أو عندما تقف في الطابور.. كن أنت لهم كما تحب لهم يكونوا لك.
ـ وكما تود أن تُراعَى إنسانيتُك وشخصيتُك حين تسافر إلى بلد آخر، وتنزعج لو أن أحداً احتقرك لأنك عربي، أو أهانك لأنك مسلم... كذلك راعي أنت إنسانية الوافدين إلى وطنك.
ـ وكما تحب من عدوك أو خصمك أن يعاملك بالعدل والإنصاف، فلا يتجنّى عليك، ولا يبهتك، ولا يلجأ إلى الكذب أو شهود الزور، فعليك أن تعامله بمثل ذلك... وعلى هذا فقس سائر الموارد.. فالمعيار واحد.
ـ ولذا يُكمل (ع) فيقول: (وَلاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ).
ـ فالإنسان قد ينزعج من الظلم حين يكون ضعيفاً، ولكنه عندما يصبح قوياً يبرر لنفسه، ويستحسن بعض صور الظلم بمبررات مختلفة.
ـ وهنا عليه أن يتذكر أن دوام الحال من المحال، وأن الدوائر ستدور عليه في يوم ما، وأن عقوبة الظالم في الآخرة شديدة، ويوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم.
ـ عن النبي الأكرم(ص): (إنه ليأتي العبد يوم القيامة وقد سرَّتْهُ حسناتُه، فيجئ الرجل فيقول: يا رب ظلمني هذا، فيؤخذ من حسناته فيجعل في حسنات الذي سأله، فما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة، فإذا جاء من يسأله نظر إلى سيئاته فجعلت مع سيئات الرجل، فلا يزال يستوفى منه حتى يدخل النار).
ـ إذاً ضع نفسك مكان المظلوم لتعرف فداحة الأمر.
ـ ثم يضيف (ع): (وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَإِنْ قَلَّ مَا تعْلَمُ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ).