خطبة الجمعة 26 ذوالحجة 1436: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: في استقبال العام الجديد


ـ في الأيام القادمة نستقبل السنة الهجرية الجديدة، ومعها نستقبل شهر محرم.. وبذا فإننا نستقبل مناسبتين إسلاميتين، المناسبة الأولى لها علاقة بالرسالة الإسلامية في انطلاقاتها الأولى، والمناسبة الثانية لها علاقة بانعطافة خطيرة واجهتها الأمة الإسلامية بعد خمسة عقود من رحيل صاحب الرسالة(ص).
ـ أما المناسبة الأولى فسأتحدث في الخطبة الثانية عما له علاقة بها.. بينما أتوقف هنا للحظات مع المناسبة الثانية وذكرى الثورة الحسينية المباركة.
ـ لقد اعتدنا في كل عام أن نُحيي هذه المناسبة بإقامة المجالس الحسينية، وفي هذا العام نحييها ضمن ظروف محلية وإقليمية حرجة، وهو ما يستدعي التعامل مع الأمر بحساسية ووعي كبير وبروح المسؤولية.
ـ هذه المجالس لا تقام بغرض الإثارة المذهبية، ولا لشحن الأجواء، ولا لخلق الفتن، لأننا نؤمن أن الحسين(ع) لم يؤطِّر نفسه وثورته بإطار مذهبي خاص، ولم يخرج براية شيعية مثلاً ضد راية سنية.
ـ لقد كانت ثورته كما قال هو(ع): (وإنى لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي(ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي).
ـ وهل من الإصلاح أن يفكّر أتباع مدرسة الحسين(ع) بإثارة العداوة بين أبناء الأمة الإسلامية؟ وهل من المعروف أن يكون موسم محرم موسم بث الكراهية وزرع الفتن؟
ـ ولذا نؤكد على ما أكدنا عليه مراراً وتكراراً وهو أن المجالس الحسينية ليست موجهة ضد أهل السنة، بل هي مجالس ذكر الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي لإصلاح ما فَسُد من أمور المسلمين.. وما خالف ذلك وعارضه فهو لا ينتمي إلى هذا العنوان، وإن ادّعى ذلك زوراً وبهتاناً، لأن الحسين برئ من الباطل، وهو الذي رفع شعار محاربة الباطل. كما أن على الذين يجعلون من إقامة هذه المجالس مادة للطعن في شيعة آل البيت (ع) وإثارةِ الكراهية في النفوس وتوزيعِ التهم بهتاناً وشرعنةِ قتل النفس المحرَّمة، إن عليهم أن يكفّوا عن ذلك، وأن يحترموا خصوصيات الآخرين، وأن يُدركوا أن هذه المجالس باقية ما بقي رمق في نفوس محبي سيد الشهداء(ع)، وأن السبيل الصحيح لمعالجة السلبيات متى وُجدت إنما هو سبيل الحكمة والموعظة الحسنة.. فالوعي الوعي أيها المسلمون، ولا يغرّنكم جاهلٌ هنا ومغرضٌ هناك، وافتحوا عيونَكم جيداً لحقيقة الوضع الحرج الذي تواجهه الأمة الإسلامية، ولربَّ كلمةٍ خرجت من فم أحدكم ـ من هذا الطرف أو ذاك ـ كانت سبباً ليُتمِ طفل، أو عدوانٍ على عِرض، أو سفكِ دمٍ حرام.