خطبة الجمعة 22 شوال 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: مسؤولية النعم


عن أبي عبدالله (ع) قال: (إن الله عز وجل لم ينعم على عبد بنعمة إلا وقد ألزمه فيها الحجة من الله عز وجل) بحيث يصبح مسؤولاً عن هذه النعمة المميزة وسيحاسب عليها، هل وظّفها في الاتجاه الصحيح أم لا
ـ (فمَن مَنَّ الله عليه فجعله قوياً، فحجتُه عليه القيامُ بما كلَّفه) من الصلاة والصوم والحج وسائر التكاليف التي تحتاج إلى قوة بدنية، من دفع الظلم وإعانة الضعيف، ولذا قال: (واحتمالُ مَن هو دونه ممن هو أضعف منه) بأن تعين الضعيف الذي يحتاج إلى قوتك، في أن تنصره على ظالمه وتنقذه من ضعفه، كما ولا تتكبر عليه ولا تستضعفه ولا تحتقره، فالبعض عندما يتعامل مع من هم دونه يحتقرهم ويهينهم، وهذا لا يجوز.
ـ (ومَن مَنَّ الله عليه فجعله موسَعاً عليه، فحجتُه مالُه، يجب عليه فيه تعاهد الفقراء بنوافله) أي فوائض أمواله مما تزيد على حاجاته ونفقاته دون إسراف ولا إنفاق في الحرام وبعد أن يخرج الحقوق الشرعية المفروضة عليه.
ـ وفي حديث عن الإمام الصادق(ع)، أن النبي(ص) قال لأحد أصحابه: (ألا أدلُّك على عمل إذا أنت فعلتَه دخلت الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال(ص): أنل مما أنالك الله. فقال: يا رسول الله، إذا كنت أحوج ممن أنيله؟ قال(ص): فانصر المظلوم. فقال: فإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال(ص): فاصنع للأخرق) وهو الذي لا يستطيع أن يدبّر أموره بنفسه، فتعينه وتعطيه من خبرتك ومعرفتك (قال: فإن كنت أخرق ممن أصنع له؟ قال(ص): فاصمت لسانك إلا من خير) فهذا بيدك وتستطيع من خلاله أن تدخل به الجنة، ثم قال (ص) له: (أما يسرّك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرّك إلى الجنة؟).
ـ (ومَن مَنَّ الله عليه فجعله شريفاً في نسبه جميلاً في صورته، فحجتُه عليه أن يحمد الله على ذلك، وألا يتطاول على غيره فيمنع حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله) بل يسعى في قضايا الناس وحوائجهم للتخفيف عن آلامهم والصلح بينهم، وذِكر جمال الصورة إنما هو لما يتركه من أثر نفسي إيجابي عند الناس فيحبونه.
ـ وهكذا يعلمنا الإمام الصادق(ع) أن نكون الشاكرين لله سبحانه على نِعمِهِ بتحمُّل مسؤولية تلك النعم، فلا نوظفُها فقط لما يعود لنا بالفائدة دون سوانا، لنعيش الأنانية في ما أراد الله لنا أن نعيش من خلاله رحابة العطاء والخير والبر بكل الناس، بل أن نكون المشائين في قضاء الحوائج، المعطائين لتخفيف معاناة الآخرين، الفعّالين في إغاثة الملهوفين، لتكون مساعينا هذه باباً من أبواب قوة مجتمعاتنا، وسبباً من أسباب تنزّل الفيوضات الرحمانية علينا في الدنيا والآخرة.