خطبة الجمعة 1 شوال 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: ماذا بعد التفجير؟


ـ يحل علينا عيد الفطر لهذا العام ونحن مُحاطون بأسوار من الإجراءات الأمنية.
ـ ما كان يعاني منه الناس في عدد من البلاد من العدوان الإرهابي التكفيري بتنا اليوم أحد ضحاياه المباشرين.
ـ وإذا كنا في الكويت قد قدّمنا النموذج الأرقى في المنطقة ـ كما شهد بذلك كثيرون ـ من حيث التعاطي مع الجريمة الإرهابية التي وقعت بحق المصلين الصائمين في مسجد الإمام الصادق(ع)، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، فإننا لا نريد لهذا التعاطي الإيجابي والزخم الكبير أن يتراجع أو يتوقف.
ـ عندما نودي للصلاة جامعةً في مسجد الدولة الكبير كان الحضور مميزاً نسبياً على مستوى الاختلاف المذهبي.. وبعد أسبوع اختلفت الصورة تماماً.. هذه مسؤوليتنا أن نُبقي المسألة حية.
ـ البعض يحاول أن يُفرِغ المسألة من محتواها.
ـ البعض يحاول أن يقفز على المعطيات ويوجّه الأمر وكأنه سلوك شاذ لأفراد محدودين.
ـ والبعض بات يتحدّث عن براءة هذه المدرسة أو تلك من الفكر الإقصائي، وأنها تمثّل الوسطية في الإسلام.
ـ بل بات البعض يستخدم لغة التقيّة بكل إتقان للبراءة من كل ما كان يدعو إليه!
ـ لا أبداً.. المسألة ليست هكذا.. المسألة مسألة منهج تفكير ورؤية عقدية متجذّرة، لها امتداداتها ومؤسساتها ومنظّروها.. وقد نضجت فكانت واحدة من ثمارها الاعتداء على المسجد.
ـ فيجب أن نعمل من جهة على تحييد الأفكار الظلامية الإقصائية أينما كانت، وأن نسعى من جهة أخرى لهدم الأسوار المتعالية التي أحاط كلٌّ منا نفسَه بها كسلوك فردي واجتماعي فطري عند الإحساس بالخطر.
ـ إن ما شهدناه من تلاحم وتفاعل وطني رسمي وشعبي مع جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق(ع) يجب أن نوظِّفه في تمكين الانفتاح على الآخر المختلف معنا، في المذهب وفي التوجه السياسي وفي الانتماء الفكري، فلقد عشنا في السنوات السابقة حالة من الانغلاق على الذات، الشيعي على الشيعي، والسني علي السني، وكل مجموعة سياسية على نفسها، وكل حزب بما لديهم فرحون، وهذا كلُّه على حساب الوطن.. إذ لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض في الوقت الذي ينكفيء فيه مواطنوه على مجاميعهم وفق انتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو العرقية أو الحزبية أو غيرها، فيتحوّل المجتمع إلى كانتونات مغلقة، تتراكم في تعقيدات الاختلاف وظلامية التنازع، بدل أن يكون وطناً ينفتح على الجميع، وينفتح عليه الجميع.