خطبة الجمعة 18 شعبان 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: حقيقة الإسلام


ـ عن أمير المؤمنين(ع): (لأنسبنَّ اليوم الإسلام نسبةً لم ينسبْه أحدٌ قبلي: الإسلام هو التسليم) أي الانقياد والخضوع التام لله كما قال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[البقرة:131] (والتسليم هو اليقين) فالتسليم ناتج عن اليقين بوحدانية الله على المستوى الفكري (واليقين هو التصديق) بما أنزل الله في كتبه على رسله (والتصديق هو الإقرار) باللسان، فلا يكفي أن تُبقي ذلك التصديق في قلبك (والإقرار هو الأداء) أي أداء المسؤولية، فلا يكفي القول والكلام (والأداء هو العمل) حيث لا ازدواجية بين القول والعمل بل تطابق، ولذا فهو يأتي بما أُمر به وينتهي عما نُهي عنه.
ـ هذه هي حقيقة الإسلام كما بيّنها أمير المؤمنين(ع)، عل مستوى العقل والقول والعمل.
ـ في عالمنا الإسلامي شاعت خلال العقدين الماضيين الدعوة إلى تبنّي (الإسلام الليبرالي)، وجَذَب هذا العنوان مجاميع من شبابنا فدعوا إليه، كما تبنّى آخرون بعض مضامين هذه الدعوة وإن لم يتبنّوا الاسم في حد ذاته.
ـ وحتى نفهم المراد من هذا المصطلح وماهية هذه الدعوة ومتبنياتها، بل ومدى إمكانية تحقق هذه التركيبة من إسلام وليبرالية، لابد أنْ نسلّط الضوءَ بدايةً على مفهوم وتاريخ الليبرالية.
ـ تأتي كلمة ليبرالية من كلمة (ليبَرالِس) اللاتينية والتي تعني (حُر).
ـ ظهرت الليبرالية في أوروبا قبل ثلاثة أو أربعة قرون مضت كردة فعل على السلطة المطلَقة للحكام، وفساد الكنيسة، وجَشَع الإقطاعيين، ثم أصبحت بمرور الزمان فلسفةً وتياراً سياسياً واسعاً.
ـ تقديس الفرد هو محور الليبرالية، فالفرد هو المركز من كل القضايا، وتحريره من كل القيود والسلطات هو الغاية. فالفرد يولد حراً، وله الحق في أن يحيا حراً كامل الاختيار، يختار ما يشاء من معتقد وطريقة حياة ويضع لنفسه ما يشاء من غايات، ومن خلال هذه الغايات يكوّن أسلوبه في الحياة.
ـ في الموسوعة الأمريكية الأكاديمية: (إن النظام الليبرالي الجديد بدأ يضع الإنسان بدلاً من الإله في وسط الأشياء، فالناس بعقولهم المفكِّرة يمكنهم أن يفهموا كلَّ شئ، ويمكنهم أن يطوّروا أنفسَهم ومجتمعاتِهم).
ـ بالطبع هذا لا يعني أنها تنفي وجود الإله، ولكنها لا تمانع أن يكون الفرد ملحداً، فهذه حريته.. وإذا آمن بإله فإنها تدعوه إلى أن يتحرر من سلطانه! وقد طرأت تغيرات على فلسفة الليبرالية، ولكنها احتفظت بهذه الرؤى.
ـ وسنتعرف في الخطبة الثانية بإذن الله على مضامين دعوة الإسلام الليبرالي، وموقفه من بعض القضايا الرئيسية بما فيها القضية المهدوية.