خطبة الجمعة 14/جمادى2/ 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: الدعاء لملائكة الله


ـ الإيمان بالغيب من أركان الإيمان كما بيّن القرآن الكريم، ومن جملة الغيب الذي نؤمن به الإيمان بالملائكة المكرمين: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)[البقرة:285]
ـ وقد تحدث القرآن عن الملائكة من حيث بطلان معتقدات المشركين بشأنهم، فقال تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ، وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ةمَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)[الزخرف:19-20].
ـ ومن حيث أوصافهم فقال تعالى: (عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ، لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)[الأنبياء:26-28].
ـ كما تحدث عن أصنافهم بحسب المهام الموكلة إليهم، فمنهم:
1ـ المقرَّبون وحملة العرش: (لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ)
2ـ ومنهم الذين أوكلوا بالوحي والرسالة: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)[فاطر:1]
3ـ ومنهم الذين أوكلوا بحفظ ما يصدر عنا: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق:17-18] .
4ـ ومنهم الذين يحفظون الناس بأمر الله من كل شر خفي أو ظاهر: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)[الرعد:11]. وغير ذلك.
ـ وانطلاقاً من هذه المعارف القرآنية، صاغ الإمام زين العابدين(ع) دعاءً في الصحيفة السجادية يربط فيه الإيمان بهذا الجزء من عالم الغيب، بالحالة الوجدانية عند الإنسان المؤمن.
ـ فعلاقتنا بالملائكة لا ينبغي أن تقتصر على هذا الجانب الفكري، بل من المنطقي أن يكون للوجدان دور في صياغة هذه العلاقة، تماماً كما نفعل ذلك في كل صلاة حين نختمها بالسلام عليهم، فلما سئل الصادق(ع) عن معنى التسليم في الصلاة بيّن ذلك ثم قال: (وهو واقع من المصلّي على ملَكي الله الموكّلَين).
ـ إن لملائكة الله تفاعلاً معنا في الحياة، وفي ما يدور حولنا من متغيراتها، وفي تصرفاتنا وفي عباداتنا وفي الدعاء لنا، وفي التأمين على دعائنا. وتفاعلهم هذا ينطلق من عبوديتهم المحضة لله سبحانه، وطاعتهم الخالصة لوجهه عزوجل، الأمر الذي يدفعنا للتعبير عن تقديرنا لهم، وتعظيمنا لشأنهم، والدعاء لهم، وهو ما صاغه الإمام زين العابدين(ع) في الدعاء الثالث من أدعية الصحيفة السجادية والذي سنتناوله بالشرح والتعليق في الأسبوع المقبل بإذن الله تعالى.