خطبة الجمعة 7/جمادى2/ 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: الأمة الوسط 1


(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)[البقرة:143].
ـ ما المراد بالوسط في الآية؟ وكيف تتحق الشهادة؟
ـ اختلفت كلمات المفسرين في فهمهم للمراد من الآية الشريفة، من بين هذه الآراء:
الرأي الأول: اعتمد على المعنى اللغوي لكلمة وسط، ففي اللغة: وسط الشيء يعني ما بين طرفيه. وعندما نصف شيئاً بأنه وسط، فهذا يعني أنه يتصف بالعدل والتوازن.
ـ وبالتالي فإن الآية تريد أن تقول أن التشريعات الإسلامية تشريعات متوازنة وسطية، لا هي بالمتطرفة في الاتجاه الروحي كما هو الحال عند النصارى، ولا هي بالمتطرفة في الاتجاه المادي كما هو الحال عند المشركين واليهود.
ـ كما أن الإسلام يتوازن في تعاليمه بين متطلبات الجماعة واحتياجات الفرد، فلا يلغي دور الفرد وشخصيته كما في الشيوعية مثلاً، ولا يُعطي كل القيمة للفرد على حساب المجتمع كما في الرأسمالية.
ـ ويتوازن الإسلام أيضاً من حيث أنه يدفع الإنسان للعمل من أجل الآخرة، ولكنه يعطيه الحق أيضاً أن يعمل للدنيا ويتمتع بمتعها ضمن ضوابط معينة.
ـ وهناك مصاديق كثيرة للتوازن في تعاليم الإسلام وتشريعاته وقيمه ومفاهيمه، مما يمكن معها فهم معنى الوسطية في الإسلام بحسب هذا التفسير.
ـ وبالتالي فإن معنى الشهادة على سائر الناس يعني أن تعاليم الإسلام وتشريعاته وقيمه هي المعيار الذي يجب أن يُقيَّم من خلاله ما عند الآخرين، باعتبار أن الدين قد كَمُل بما بُلّغ به النبي(ص) (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة:3].
ـ وأما شهادة الرسول(ص) على المسلمين فتعني أن الله جعل شخصيته (ص) وعبادته وجهاده وسلوكه وأخلاقياته وحكمته هي المعيار الذي يجب أن نقيِّم من خلاله ما عندنا.
ـ هذا هو التفسير الشائع للآية الكريمة.. وسأستعرض الرأي الثاني في تفسير الآية في الخطبة الثانية بإذن الله.