خطبة الجمعة 29/جمادى1/ 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: أقسام اليمين


(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[المائدة:89].
ـ ذكر الفقهاء أن اليمين ينقسم إلى أنواع:
الأول: ما يقع تأكيداً للإخبار عن تحقق أمرٍ أو عدم تحققه في الماضي أو الحال أو الاستقبال، كما يقال: (والله جاء فلان بالأمس) أو (والله هذا مالي) أو (والله سيتحقق الكسوف غداً)، وكلها مكروهة إن كانت صادقة، ومحرَّمة إن كانت كاذبة، بل تكون من كبائر الذنوب إن كانت في مقام فصل الدعوى، وسميت في الأحاديث باليمين الغموس. والآية السابقة لا تتحدث عن هذا النوع من اليمين، ولذا فليس في هذا النوع كفارة.
ـ ملاحظة: البعض يستسهل هذا النوع من اليمين حين يعرف أن الكفارة غير مترتبة، ويتصور أنه بقول أستغفر الله تنتهي المسألة.. هذا تصور خاطئ، ففي حديث الإمام الصادق(ع): (اليمين الغموس التي توجب النار).. أي أنه لابد من توبة صادقة، ومن شروط التوبة الصادقة إصلاح ما أُفسِد باليمين الغموس بإرجاع الحقوق لأصحابها وأمثال ذلك.
الثاني: ما يُقرن به الطلب لحث المسؤول على تحقيقه، ويسمى: (يمين المناشدة) كقول السائل: (أسألك بالله أن تعطيني ديناراً) (أسألك بالله أن تقبل دعوتي على الغداء). وهذا النوع لا يترتب عليه شئ على الطرفين.
الثالث: ما يقع تأكيداً لما التُزم به من إيقاع أمر أو تركه في المستقبل، ويسمى: (يمين العقد) كقوله: (واللهِ لأصومنَّ غداً) أو (واللهِ لأتركنّ التدخين).
ـ هذا النوع من اليمين إن توفرت فيه الشروط الشرعية (من قبيل أن يكون القسم بالله، وأن يكون قسَماً على أمر مشروع كفعل المستحب أو ترك المكروه) فحينئذ يجب الوفاء بها، ويحرم حنثها. فإن لم يلتزِم بالقسَم، وجبت الكفارة كما بينَت الآية.
ـ مجدداً البعض يتصور أن الأمر هيّن، لأن المسألة تنتهي بالكفارة، والمبلغ بسيط، دون التفات إلى أنه يحرم الحنث، وأن القسم باسم الله عظيم، وأن الحنث ذنب يستوجب الاستغفار والتوبة والشعور بالندم.
ـ إن لليمين قدسيتَها، لأنها تمثّل قدسيةَ الإيمانِ باللّه، وإعلانَ التزامِنا بالأمر تحت شهادة الله علينا، في التزاماتنا بما نفعل أو نترك أو نتخذ من مواقف وعلاقات، واللّهُ لا يريدنا أن نحوّل اسمه إلى كلمة مبتذلة نكررها بعنوان القسَم لتحقيق مآربنا وقد قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّـهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ)[البقرة:224].