خطبة الجمعة 8/جمادى1/ 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: العقيلة زينب ومراقد العظماء


ـ لمراقد العظماء رمزية كبيرة عند الناس.. ومن هنا سعى الطغاة أحياناً إلى إعفاء آثار تلك القبور، أملاً في أن يقطعوا الصلة بين الأحياء وأولئك العظماء.
ـ كما سعى العظماء أنفسُهم أن يخفوا قبورهم أحياناً كي يُرسلوا رسالة واضحة إلى الناس مفادها أنهم قد تركوا الدنيا، وخلّفوا وراءهم وضعاً غير سوي.. فلو كان سوياً لكان ينبغي أن تكون قبورهم معلومةً ظاهرة.
ـ ولذا نجد الزهراء وهي ابنة رسول الله وسيدة نساء العالمين توصي أن تُدفن ليلاً وفي السر وأن يُعفى قبرُها.
ـ ونجد علياً وهو أمير المؤمنين يوصي أن يُدفن بعيداً عن الكوفة، ويُعفى أثر قبره.. ولا يظهر من جديد إلا بعد مرور أكثر من قرن من الزمان!
ـ وما هذا إلا ليحمِّلونا مسؤولية السعي لتصحيح تلك الأوضاع، أو لكي لا يطوي النسيانُ حقائقَ التاريخ!
ـ على أن انقطاع الصلة بمراقدهم لا تعني انقطاع الصلة بتاريخهم ومنهجهم.
ـ واليوم ونحن نستذكر ولادة العقيلة زينب(ع) قد لا نجد السبل الميسَّرة التي توصلنا إلى المرقد المجلَّل في ريف دمشق كما عهدنا من قبل، ونسأل الله الفرج.. إلا أن الرسالة الواضحة التي نبقى نرسلها إلى كل الذين سعوا إلى تدمير ذلك المرقد وإعفائه أنَّ ذلك لن يقطع صلتنا بالعقيلة الهاشمية، ولن يطوي تاريخَها وبطولاتها ومنهجها النسيان.
ـ إن إحياء ذكراها في المناسبات المختلفة يمثل طريقةً من طرق إحياء تلك الصلة، واستلهام ذلك المنهج، شريطةَ أن لا يتحول هذا الإحياء إلى مجرد شكليات وأهازيج وأحزان، بل أن نستلهمها في واقعنا، وأن نفعّل سيرتها ومنهجها في حياتنا..
ـ لقد صبر العظماء وضحّوا وجاهدوا ليحرّكوا الواقع ويغيروه نحو الأفضل، عبر خلق إنسان مسلم واعٍ وجدير بالمسؤوليّة واتخاذ المواقف أمام التحدّيات مهما كان حجمها. إن التي تدعي حب زينب فلتكن مثل زينب حيث قال القائل: (لم أر خفرة ـ والله ـ أنطقَ منها)، فموقفها الشجاع أمام الناس، ومنطقها القوي في الدفاع عن الحق لم يسلباها العفة والستر وشدة الحياء.. وإن التي تدعي حب زينب فلتكن على خطى زينب حيث وقفت على الجثمان المقطّع لأخيها سيد الشهداء فدعت بصبر جميل ووعي رسالي: (اللهم تقبل منا هذا القربان).