بحوث في الملل والنحل - ج 4 - السبحاني

إنّ الوقوف على آراء وعقائد المذاهب المختلفة وتحليلها ، ومعرفة أدلّتها من أفضل أنواع الدراسة والتحقيق ، فهو السبيل الأفضل لمعرفة الرأي الأصوب ، والموقف الأحقّ بالأخذ والاتّباع ، وهو الأسلوب الذي سلكه القرآن الكريم في مواجهاته العقائدية مع أصحاب المذاهب والاتّجاهات الفكرية المضادة وقد حثّ عليه إذ قال تعالى : ( قُلْ هاتُوا بُرْهانكُمْ ) (1) أو قال : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَه ). (2)
وقد كان المسلمون هم السبّاقين إلى هذا المنهج وهذا الأسلوب من الدراسة والتحقيق ، ولهذا نرى في المكتبات والدراسات الإسلامية كتباً في الفقه المقارن ، والعقائد المقارنة ، وغير ذلك من حقول المعرفة والثقافة.
ونظراً لأهمية هذا الأسلوب في عصرنا الحاضر طلبت مني « لجنة إدارة الحوزة العلمية » في قم المقدسة ، إلقاء سلسلة محاضرات في آراء ومعتقدات الطوائف المختلفة التي شهدتها الساحة الفكرية الإسلامية في العصور اللاحقة لوفاة النبي الأكرم ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، وذلك في إطار من التحليل ، والمقارنة والدراسة والتقييم ، فلبّيت هذا الطلب وتم بتوفيق اللّه تعالى إلقاء مجموعة من المحاضرات في هذا المجال ، ليكون مقدّمة للمرحلة التخصّصية.
ثمّ حبذت لجنة الإدارة طبع ونشر هذه المحاضرات حتى يستفيد منه عامة طلاّب الدراسات الإسلامية ، فأخرجتها في عدة أجزاء