خطبة الجمعة 18 ربيع1 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: عظمة الله ونعمه


في نهج البلاغة عن علي(ع) أنه قال في صفة الله تعالى: (يعلم عجيج الوحوش في الفلوات) صوتهم الرفيع العالي (ومعاصي العباد في الخلوات، واختلاف النينان في البحار الغامرات) الحيتان التي تتحرك في أعماق البحار في كل اتجاه (وتلاطم الماء بالرياح العاصفات). فإذا تصور العبدُ ربَّه تصوراً حاضراً حقيقياً واعياً، في عظمته وسعة علمه إحاطته بالأمور، فإن هذا سيكون من دواعي تفعيل التقوى.
ـ ولذا من الضروري تربية وتنمية عظمة الله في النفس ليكون ذلك داعياً لجعل التقوى حاضرة في حياته.
ـ ففي لحظةٍ مغرية، أو في لحظةِ ضعف، أو في لحظةِ غفلة، قد يندفع الإنسان إلى فعل ما يُغضِب الله وما يترتب عليه عقابُه.. ومن شأن تذكير النفس بتلك الحقيقة الإلهية أنْ تدفع الإنسان للتراجع عما نوى.
ـ وحينها يُغض الطرف عن تلك النية السيئة، ويَتجاوز عنها الله.
ـ (وأشهد أنّ محمداً نجيب الله، وسفيرُ وحيه، ورسولُ رحمته .أما بعد فإنّي أوصيكم بتقوى الله الذى ابتدأ خلْقَكم، وإليه يكون معادُكم، وبه نجاحُ طلبتكم، وإليه منتهى رغبتكم، ونحوَه قصْدُ سبيلِكم، وإليه مرامي مفزعِكم). فالأمر الآخر الذي يدفع الإنسان للتراجع ويفعّل التقوى في نفسه، هو تذكّر عظيم نعم الله عليه، وأن كل وجوده مرتبط بالله، ولا استمرار في الحياة لو رفع الله رعايته عنه. (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ).
ـ نعم تذكُّر هاتين الحقيقتين تذكّراً واعياً من شأنه أن يفعّل التقوى في النفس، ودور التقوى كالتالي: (فإنّ تقوى الله دواءُ داءِ قلوبكم، وبصرُ عمى أفئدتكم، وشِفاءُ مَرضِ أجسادِكم، وصلاحُ فسادِ صدورِكم، وطَهورُ دَنَسِ أنفسِكم، وجلاءُ عشاءِ أبصارِكم، وأمْنُ فزعِ جأشِكم، وضياءُ سوادِ ظلُمتِكم).