خطبة الجمعة 4 ربيع1 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: وصية الإمام العسكري


ـ في ذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكري(ع) نتوقف عند وصيته لبعض شيعته حيث روى الحراني في تحف العقول أنه كتب(ع): (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالْوَرَعِ فِي دِينِكُمْ، وَالِاجْتِهَادِ لِلَّهِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَطُولِ السُّجُودِ، وَ حُسْنِ الْجِوَارِ؛ فَبِهَذَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله، صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ، وَاشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ، وَعُودُوا مَرْضَاهُمْ، وَأَدُّوا حُقُوقَهُمْ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا وَرِعَ فِي دِينِهِ وَ صَدَقَ فِي حَدِيثِهِ وَ أَدَّى الْأَمَانَةَ وَ حَسُنَ خُلُقُهُ مَعَ النَّاسِ، قِيلَ هَذَا شِيعِيٌّ فَيَسُرُّنِي ذَلِكَ. اتَّقُوا اللَّهَ، وَكُونُوا زَيْناً وَلَا تَكُونُوا شَيْناً، جَرُّوا إِلَيْنَا كُلَّ مَوَدَّةٍ، وَادْفَعُوا عَنَّا كُلَّ قَبِيحٍ؛ فَإِنَّهُ مَا قِيلَ فِينَا مِنْ حُسْنٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ، وَمَا قِيلَ فِينَا مِنْ سُوءٍ فَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ. لَنَا حَقٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَ تَطْهِيرٌ مِنَ اللَّهِ، لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ غَيْرُنَا إِلَّا كَذَّابٌ. أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ، وَذِكْرَ الْمَوْتِ، وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ، وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَشْرُ حَسَنَات. احْفَظُوا مَا وَصَّيْتُكُمْ بِهِ، وَأَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ). وهكذا نجد الإمام(ع) يوصينا في الأبعاد التالية:
1ـ بُعد العبودية لله: التقوى كحالة وجدانية ـ الورع كانعكاس سلوكي للتقوى ـ الجد والاجتهاد في هذا الطريق ـ الإخلاص لله في العبودية ـ العناية الفائقة بالذكر والعبادة.
2ـ البُعد الاجتماعي: أداء الأمانة، والصدق، وحسن الخلق، وطيب المعاشرة، وغيرها مما جاء في الوصية.
3ـ البعد الولائي: المتمثل في حقيقة الانتماء إلى مدرسة أهل البيت(ع) في الإسلام، في انعكاساتها الوجدانية والعملية المشرقة بالخير والعطاء والسعي لوحدة الأمة، لا في الحالة الشعارية الفارغة، والممارسات الاستعراضية المستَهجَنة، والمقولات المثيرة للأحقاد والأضغان، التي لا تزيد المجتمع الإسلامي إلا تمزيقاً، ولا تُضفي على صورة مدرسة أهل البيت إلا تشويهاً وتقبيحاً.
ـ لقد سعى الإمام (ع) في ضمن وصيته لإثارة مشاعر الغيرة عند الموالين له.. الغيرة على الإمامة، والغيرة على الانتماء إلى هذه المدرسة العظيمة، من خلال الحرص على بقاء صورة أهل البيت(ع) في إشراقة الطهر التي زيّنهم الله بها في آية التطهير، والحرص على ترسيخ حقيقة الانتماء إلى مدرستهم والمتمثلة في قمة العبودية والتوحيد والإخلاص لله، وفي العمل الصالح، والخلُق الحسن. إن في هذا مرضاةٌ لله، وإدخال للسرور على القلب المبارك لإمام العصر.