خطبة الجمعة 19 صفر 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: دعاء الاستخارة


ـ مِنْ طَبع الإنسان طموحُه إلى كشف المستقبل والمستور، لاسيما في الأمور الحساسة والمهمة التي تعنيه.
ـ البعض يتعامل مع الاستخارة من هذا الباب، وهذا خطأ شائع، حتى أن بعضهم يقول: (ارمِ لي خيرة) وكأنه يظن أنَّ الخيرة نوعٌ مِن رمي الودَع!
ـ بينما الخيرة نوعٌ من الرجوع إلى الله والتوكل عليه والطلب منه أنْ يرشدنا لما هو خير ويوفّقنا لما هو خير.
ـ حتى عندما يلجأ أحدُنا إلى الاستخارة بالقرآن مثلاً، من المفترض أن لا يغيب عنه هذا التوجه الإيماني والروحي بأن يطلب من الله ويدعو الله كي يختار له ما هو أحسن، ولا يكتفي بطلب عمل الخيرة.
ـ ثم إنّ هذا الخير الذي نطلبه مِن الله قد لا يكون متوافقاً مع ما نهوى ونريد، ولذا يُفترض أن ننوي في الاستخارة أننا نطلب التسديد الإلهي، والاختيار الإلهي، سواء أكان هذا الخير هو ما نتصوره، أو كان على خلاف ما نتصوره، لأننا أحياناً نريد لأنفسنا ما يعود علينا بالضرر، ونتصور أنّ الخير في ذلك.ـ هذه المفاهيم نجدها واضحة في دعاء الإمام زين العابدين(ع) في الصحيفة السجادية تحت عنوان (وكان من دعائه(ع) في الاستخارة).
ـ قال(ع): (اللّهُمَّ إِنّي أَسْتَخيرُكَ بِعِلْمِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاقْضِ لي بِالْخِيَرَةِ، وَأَلْهِمْنا مَعْرِفَةَ الاْخْتِيارِ، وَاجْعَلْ ذلِكَ ذَريعةً إِلَى الرِّضا بِما قَضَيْتَ لَنا، وَالتَّسْليمِ لِما حَكَمْتَ، فَأَزِحْ عَنّا رَيْبَ الاْرْتِيابِ، وَأَيِّدْنا بِيَقينِ الْمُخْلِصينَ، وَلا تَسُمْنا عَجْزَ الْمَعْرِفَةِ عَمّا تَخَيَّرْتَ، فَنَغْمِطَ قَدْرَكَ، وَنَكْرَهَ مَوْضِعَ رِضاكَ، وَنَجْنَحَ إِلَى الَّتي هِىَ أَبْعَدُ مِنْ حُسْنِ الْعاقِبَةِ، وَأَقْرَبُ إِلى ضِدِّ الْعافِيَةِ).
ـ لاحظ التركيز على عدم التشكيك فيما يختاره الله لنا، والتسليم له.. بينما البعض بعد الاستخارة يسأل: هل من الواجب أن ألتزم بما جاء فيها؟ إن في هذا من إساءة الأدب مع الله عزوجل ما لا يخفى، وعلى الإنسان أن يتحمل بعد ذلك نتيجة المخالفة.
ـ (حَبِّبْ إِلَيْنا ما نَكْرَهُ مِنْ قَضائِكَ، وَسَهِّلْ عَلَيْنا ما نَسْتَصْعِبُ مِنْ حُكْمِكَ، وَأَلْهِمْنَا الانْقِيادَ لِما أَوْرَدْتَ عَلَيْنا مِنْ مَشِيَّتِكَ، حَتّى لا نُحِبَّ تَأْخيرَ ما عَجَّلْتَ، وَلا تَعْجيلَ ما أخَّرْتَ، وَلا نَكْرَهَ ما أَحْبَبْتَ، وَ لا نَتَخَيَّرَ ما كَرِهْتَ. وَاخْتِمْ لَنا بِالَّتي هِىَ أَحْمَدُ عاقِبَةً، وَأَكْرَمُ مَصيراً، إِنَّكَ تُفيدُ الْكَريمَةَ، وَتُعْطِي الْجَسيمَةَ، وَتَفْعَلُ ما تُريدُ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَىْء قَديرٌ).