خطبة الجمعة 5 صفر 1436 - الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: الشباب وتقدير المعيشة


ـ (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا)﴿الإسراء: 29﴾
ـ الجانب الاقتصادي في إدارة الأسرة شئ مهم جداً، وتصل أهميته إلى درجة أنه يهدِّد استمرارية هذه الوحدة الاجتماعية في ما لو افتقد الطرفان الرئيسيان (الزوج والزوجة) أو أحدهما القدرة على إدارة هذا الأمر، والحكمة في التخطيط والتنفيذ المتعلق بالإيرادات والإنفاقات والادّخار للظروف المفاجئة.
ـ أرجو أن يلتفت الشباب من المتزوجين والمقبلين على الزواج إلى هذه المسألة جيداً، فهذا الجيل الشاب كان ضحية مفاهيم خاطئة ومؤثرات مختلفة أحاطت به، فرسّخت فيه الأنا بقوة، و انتزعت منه صفات عديدة كالإيثار وروحية العطاء والتضحية من أجل الآخر، وهو ما انعكس على أمور عديدة من بينها تعرض الكثير من حالات الزواج إلى الفشل.
ـ ومن بين أهم أسباب هذا الفشل هو تقديم الزوج أو الزوجة لرغابتهم الذاتية ذات الطابع المادي على الأولويات، لتعاني الأسرة خلال الشهر من الناحية الاقتصادية، أو لتتفاعل مسألة الإنفاق وكيفية إدارة هذا الملف من وقت لآخر إلى المستوى الذي قد يؤدي إلى الطلاق.
ـ ولذا نجد الشاب لا يستطيع بعد الزواج أن يفك نفسه عن أسلوب الحياة الفردية الشخصية التي كان يعيشها قبل ذلك في طريقة الإنفاق على نفسه وأسفاره وصداقاته، ليجد في نهاية المطاف أنه غير قادر على تلبية احتياجات أسرته الضرورية.
ـ وفي المقابل قد تتأمّل الفتاة من الزواج أن يكون فرصة لتحقيق أحلامها بالحصول على أغلى المقتنيات والكماليات ومنافسة صديقاتها وزميلاتها، والتباهي بأسفارها وملبسها ومسكنها وسيارتها، بل وحتى ملبس طفلها الرضيع وغيرها من أمور هي في الأساس متطلبات للعيش الكريم، ولكنها تتحول إلى مادة للتباهي والتنافس.
ـ والنتيجة في نهاية المطاف هي النزاع، ومن ثَم تهديد الحياة الزوجية بالفشل والطلاق.
ـ إن حسن التقدير في المعيشة من صفات الإنسان العاقل الحكيم، وفي الخبر عن الصادق(ع): (إنه لا يُصلِح المرء المسلم إلا ثلاثة: التفقه في الدين، والصبر على النائبة، وحُسن التقدير في المعيشة) وعنه (ع): (اذا أراد الله عزوجل بأهل بيت خيراً رزقهم الرفق في المعيشة). وعنه: (عليك بإصلاح المال فإن فيه منبهةً للكريم) أي رفعة لشأنه (واستغناءً عن اللئيم).