خطبة الجمعة 7 رمضان - 1435 الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : القرب من الله


في خطبة النبي(ص) في استقبال شهر رمضان: (هو شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله).
ـ الكون في ضيافة الله في شهر رمضان، يعني توفيق الإنسان لأن يكون قريباً من الله سبحانه، ونحن نحتاج كثيراً للحصول على هذا القرب.
ـ فوجودُنا من عند الله: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيرُ اللهِ)[فاطر:2]؟ والنعم التي نتمتع بها هي من عند الله: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله)[النّحل: 53]، وهي فوق العد والإحصاء: (وإنْ تَعُدُّوا نِعْمةَ اللهِ لا تُحصُوهَا)[النّحل: 18]، والقرب من الله في الدنيا يعني القرب منه في الآخرة: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)[الواقعة:10-12] (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ)[القمر:54-55].
ـ صحيح أن من رحمة الله ولطفه أنه لم يجعل عطاءه في الدنيا مشروطاً بالطاعة، كما في دعاء أبي حمزة الثّمالي: (تتحبّبُ إلينا بالنّعم ونُعارضُك بالذّنوب... خيرُك إلينا نازل، وشرّنا إليك صاعد).
ـ فالله يعطينا المأكل والمشرب والمسكن والراحة والزوجة والأبناء ووو ونحن نغتابُ وننم لنفسد العلاقات ونحسد ونكذب ونأكل الأموال بالباطل ووو..، يقول الإمام: (وَلَمْ يَزَلْ وَلايزالُ مَلَكٌ كَرِيمٌ يَأْتِيكَ عَنّا بِعَمَلٍ قَبِيحٍ فَلا يَمْنَعُكَ ذلِكَ مِنْ أَنْ تَحُوطَنا بِنِعَمِكَ وَتَتَفَضَّلَ عَلَيْنا بِآلائِكَ فَسُبْحانَكَ ما أَحْلَمَكَ وَأَعْظَمَكَ وَأَكْرَمَكَ مُبْدِئاً وَمُعِيداً).
ـ بل وفي شهر رمضان يزداد العطاء الإلهي فيضاً، لأننا في ضيافته الخاصة.
ـ ولكن هل هذا يعني أن نستمر في عصياننا وتمردنا؟
ـ إن الإصرار على الذنوب مع كل هذا الكرم والجود لا يعني سوى اللؤم.. والإصرار على التشاغل بمشاغل الدنيا، والتلهّي بعبث لهو الحديث والفعل، عمّن يتقرب إليك بكل هذا العطاء غير المحدود لا يعني سوى اللؤم.
ـ ثم ألا يفكر أحدنا في تكوين علاقة مع ذوي النفوذ والمناصب؟ ألا نندفع أحياناً للتقرب من مراكز القوى، من أجل أن نضمن ظهراً يسندنا، أو عوناً يقضي بعض حوائجنا؟
ـ أيها الإنسان! أعظم العظماء، خالق العظماء، منشئ الكون، مَن بيده مفاتيح كل شئ، قد فتح لك الأبواب، وهو يتقرب إليك ويتحبب، أفتُعرضُ عنه؟ فلنراجع علاقتنا مع الله، وليسأل كلٌّ منا نفسَه: كيف أتعامل مع الله؟ أأنا من زمرة: (إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) أم من (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)؟ وشهر رمضان في أيامه ولياليه أعظم فرصة للإنسان تأتيه في السنة مرة.. ولعلها تكون الأخيرة (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ).