خطبة الجمعة 19جمادى1 - 1435 الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: (المسؤولية) في خطبة الزهراء


ـ في خطبة مولاتنا الزهراء(ع) بعد أن ذكَرَت الله حمداً وتعظيماً وتمجيداً، ثم عرّجت على نبوة أبيها محمد(ص) والهدف من بعثته والمسؤوليات التي نهض بها، التفتت إلى أهل المجلس وقالت:
(أنتم عبادَ الله نُصبُ أمرِه و نَهيِه) فأنتم واقفون أمام أمر الله ونهيه، وتقع عليكم مسؤولية طاعته في ذلك.
(وحملةُ دينِه و وحيِِه) المسؤولية الثانية الملقاة على عاتقكم هي المسؤولية الإيمانية، فلا تفرّطوا في هذا الدين، ولا تتخلوا عن منهجه وتعاليمه.
(وأمناءُ الله على أنفسِكم) المسؤولية الثالثة أن تحفظوا أنفسكم مما يلحق بها ضرر المفاسد والنتائج المترتبة عليها في الآخرة، تماماً كما يحفظ الإنسان المسؤول الأمانةَ التي تكون عنده.
(وبُلغاؤه إلى الأمم) والمسؤولية الرابعة أن تبلّغوا رسالة الله إلى الأمم ولا تكتفوا بأن تحققوا الخير لأنفسكم. (وزعيمُ حقٍّ له فيكم، وعهدٌ قَدَّمَه إليكم، وبقيةٌ استخلَفَها عليكم) والمسؤولية الخامسة مسؤوليتكم تجاه القرآن الذي تركه النبي(ص) خليفة وقائداً وهادياً، وأخذ عليكم العهد بذلك. فلا تحوّلوه إلى مجرد كلمات تُتلى بلا تطبيق، ولا تفرّغوه من مضامينه، ولا تجعلوه مجرد كتاب للبركة، أو لطرد الجن والشياطين، أو للحفظ من اللصوص والحوادث.. إنه القائد الذي تسيرون خلفه، والمنبع الذي تستقون منه عناصر إيمانكم، وتتعلمون من خلاله شريعتكم، وتقتبسون منه الحكمة في الحياة.
(كتابُ الله الناطق، والقرآنُ الصادق، والنورُ الساطع، والضياءُ اللامع، بَيّنةٌ بصائرُه، منكشفةٌ سرائرُه، متجليةٌ ظواهرُه) فلا هو بكتاب ألغاز ولا طلاسم، ولم ينزل بلغة رمزية أو بلسانٍ تجهلونه، وقد أكدت آياته مراراً وتكراراً أنه نزل بلسان عربي مبين واضح مفهوم. وإذا كنا نعيش اليوم شيئاً من الغربةً عن اللغة العربية، فإن قليلاً من الاطلاع يحقق لنا معرفة ثرية بكتاب الله سبحانه.
(مغتبطةٌ به أشياعُه) فإن حملتم القرآن والتزمتم به وكنتم من شيعته، فإن نصيبكم الغبطة والسرور.
(قائدٌ إلى الرضوان اتِّباعُه، مؤدٍّ إلى النجاة استماعه، به تُنال حُججُ الله المنوَّرة) فمن أراد الحجة والدليل الواضح على إيمانه ودينه، فإن القرآن سيعينه على ذلك.
(وعزائمُه المفسَّرة) ومن أراد معرفة أوامر الله تعالى والغاية منها، فعليه بالقرآن. (ومحارمُه المحذََّرة) ومن أراد أن يعرف محارم الله التي حذّر منها وبيّن آثاراها، فالقرآن سيعرّفه بها.
(وبيّناتُه الجالية، وبراهينُه الكافية، وفضائلُه المندوبة، ورُخصُه الموهوبة، وشرائعُه المكتوبة) فهي مرجعية شاملة ترسم معالم الدين والأخلاق والحكمة والشريعة في الفرائض والفضائل والرخص التي ترفع عن الإنسان الحرج.. هذه هي حقيقة موقع القرآن في مرجعيته الإيمانية والتشريعية والأخلاقية، ولكن أكثر الناس عزفوا عن ذلك فتخبّطوا في فهم حقيقة الدين ومعالم شريعة الإسلام، فشرّقوا وغرّبوا وأضاعوا معالم الطريق.