زوجي على علاقة بسيِّدة متزوّجة!

استشارة: زوجي على علاقة بسيِّدة متزوّجة منذ فترة، ويريد أن يطلّقني، وبالتالي يتخلّى عن أولادنا من أجلها، فكيف أعالج هذه المشكلة، علماً أنه لا يأتي إلى البيت، ويرفض الحديث في الموضوع؟ وهل من أحجبة أو أعمال معينة أمارسها كي أمنعه من ذلك؟
جواب الشيخ محسن عطوي: ما يجري معك هو أمر مؤسف، وما تتحدثين عنه من غرام زوجك بامرأة متزوجة، هو أمر خطير دينياً وأخلاقياً، إذ يجب على المسلم أن يعيش العفّة في نفسه وعلاقاته، وخصوصاً المرأة المتزوجة، فإنّ عليها واجب العفة في نفسها، وواجب حفظ نفسها وفاء لزوجها، بمقتضى عقد الزواج، ولا يجوز لأي رجل أن يراودها عن نفسها ما دامت على ذمة رجل آخر، وحيث إنك تجزمين أن زوجك على علاقة بتلك المرأة، فأول ما يجب عليك فعله، هو نصحه، ثم معالجة الأمر بحكمة وروية.
وقد شهدنا كثيراً إقامة العديد من الرجال علاقات حميمة مع غير زوجاتهم، الأمر الّذي يجدر بنا التوقف عنده، فنقول: قد يعرض على الزوج ما يغيّر عواطفه تجاه زوجته، فيتبدل الوئام والتوافق بالاختلاف، ويتحول الحب، والرضى بالآخر، واللهفة عليه، إلى رفض له، وعزوف عنه، وكراهية تجاهه. والغالب، حدوث ذلك بأسبابه الموجبة له، كسوء خلق الشريك، أو بعده عن شريكه في سفر أو ما أشبه ذلك، أو حدوث خلافات عائلية، يلحقهما نصيب منها، ويطالهما لهيبها، أو يعشق الرجل امرأة أخرى، كما هو الحال في الاستشارة المعروضة علينا.
والمفترض بالزوج أن يكون واعياً لدوره كمسؤول عن أسرته، ما يرتّب عليه أن يتحلّى بالخلق الفاضل والحكمة والصبر والتضحية، فيقدّر الأمور والظروف بقدرها، ويحرص على تجنيب أسرته وزوجته المشاكل والمعاناة والذل والحاجة، فيوفر لهم بحسن تصرفه، وجليل تضحياته، السعادة والكرامة والكفاية، ويشملهم بعطفه ورعايته، وخصوصاً حين تعصف العواصف بأسرته، كما في حال الخلافات العائلية، أو الأحوال الاقتصادية الصعبة، بل حتى في حال سوء خلق زوجته، فإن عليه أن يكون مستعداً للتسامح والصفح والحلم. وبعبارة مختصرة، عليه أن يقود أسرته دائماً بكفاءة نحو الخير ونحو شاطئ الأمان، مهما اضطربت الأمور من حوله.
إنني أرى أن الزوج الكفوء الحكيم، قادر على إبقاء جذوة الحب متّقدة بينه وبين زوجته، حتى لو دخلت قلبه وحياته امرأة أخرى. وعليه في الدرجة الأولى، أن لا يضيع حقوق زوجته وأولاده، وأن يعيش حالة الحب لهم والعطف عليهم، وأن لا يضعف أمام حبه لامرأة أخرى، ولا يأخذه الهيام الطفولي بها، بالدرجة التي يؤذي بها زوجته، ويهدد استقرار عائلته.
ورغم أنّ الشريعة أباحت للرجل تعدّد الزوجات، فذلك لا يعني أنها راضية به كيفما كان، ولا أن إباحته تعني لزوم القيام به، بقدر ما لاحظت فيه الضرورات التي تفرض على الرجل ذلك، مع وضوح عزوف كثير من الرجال عنه، واكتفائهم بزوجة واحدة، وخصوصاً لما أسلفناه من أن من تمام حسن الخلق مع الزوجة، تجنّب إيذائها في هذا الأمر، الذي يسبب لها أذى كبيراً، وجرحاً نفسياً عميقاً.
أختي الفاضلة، لا أرى أمامك إلا أن تنتظري ما سيتخذه من قرار، فإن أصرّ على تركك، وعلى الاستمرار في علاقته بتلك المرأة المتزوجة، رغم حرمة ذلك عليه وعليها، ولم يصغ إلى نصيحتك، وسعى إلى طلاقك، فتقبّلي هذا الأمر بشجاعة وكرامة، ولا تظهري الضعف أمامه.
ومن المؤكّد أنه لا توجد أعمال سحر أو حجابات تؤثر في قراره مهما كان، ولا يوجد أمامك سوى الدعاء لله تعالى أن يهديه إلى طريق الإيمان والاستقامة، وأن يثبت محبتك في قلبه ويديمها، ويصرف عنه نوازع الشيطان.