حدود العلاقة بين العقد والزفاف

سؤال: ما هي حدود العلاقة بين الشّاب والفتاة في فترة عقد الزواج وقبل الزفاف؟ من الناحيتين الشرعيَّة والأخلاقيَّة، ومن ناحية التقاليد والمجتمع؟
وجواب الشيخ محسن عطوي: تعتبر فترة الخطوبة فترة مهمّة وحسّاسة في رحلة زواج الخاطبين، فهي مهمّة لجهة حرص كلّ منهما على التعرف العميق والمباشر إلى الآخر، وحساسة لجهة أنّ كلاً منهما عرضة للرفض والمفارقة بسهولة ويسر عندما تظهر منه صفات أو تصرفات تزعج الآخر وتؤذيه، أو تجعله في خوف على نفسه منه في المستقبل. لذا، فإننا نودّ أن نلفت نظر الخاطبين إلى:
أولاً: أن يحرصا على أن يكون كلٌّ منهما واضحاً في تصرفاته وأفكاره وصفاته أمام الآخر، وذلك بأن يخبر الآخر بما يحب ويكره في لباسه وطعامه وسهره ونومه وصداقاته ومزحه وجدّه، وما أشبه ذلك من نشاطه العام وتصرفاته العادية، كما أنّ عليه أن يكون واضحاً في مستوى إيمانه وتدينه، وكذا في علمه وثقافته، فلا يتصنَّع أحدهما أمام الآخر ما ليس فيه من خصال، لأن ما يحدث كثيراً في هذه الفترة، حرص الفتى أو الفتاة وأهلهما على أن يبدوا حسناتهم وصفاتهم الحميدة، ويكتموا سيئاتهم وصفاتهم القبيحة، بهدف تمرير فترة الخطوبة وإتمام الزفاف، ثم لا يبالون بعد ذلك بما سينكشف منهم، مادام سيصعب على المتضرر التراجع وطلب الطلاق.
إنَّ الخاطبيْن وأهلهما مسؤولون جميعاً عن العديد من الانتكاسات التي تحدث في فترة الخطوبة، بسبب ما كان قد حدث من خلل في آلية التعارف ونوعه ودرجته، وما أحاط به من التباس وغموض، وخصوصاً في سلامة الخاطبين الجسدية والنفسية، أو في حالة الخاطب الاقتصادية والاجتماعية، وغير ذلك مما هو من هذا القبيل.
ثانياً: على كلٍّ منهما أن يقدّر موقع أهل شريكه ورفيع مكانتهم في نفسه، وخصوصاً في نفس الفتاة وحياتها. لذا، فإن من الضروري أن تكون الخطوة الأولى هي التعرف إلى طبيعتهم من الناحية النفسية والاجتماعية، وخصوصاً نوع علاقتهم بولدهم، وذلك من أجل معرفة كيفية التعامل مع الأهل ومداراتهم، ومن أجل تفهم تصرفات الشريك التي قد تنطلق من مداراة الأهل ومراعاة وضعهم، كما أن من الضروري في الخطوة الثانية، العمل على كسب ثقة أهل الشريك، وإظهار الاحترام لهم، والتعاطف معهم. وأهم ما ينبغي من ذلك، هو غض النظر عن أخطائهم، والصفح عن إساءاتهم، وكتمان أسرارهم، واحترام رغباتهم.
ثالثاً: تعتبر العلاقات العاطفية بين الخاطبين حقاً مشتركاً بينهما، إذ إنه بمجرد عقد الزواج بينهما، يصير كل منهما حلالاً على الآخر، ولكن فيما عدا الدخول، فإنه  يجب على الفتاة أن تطيع خطبيها في ذلك، وعلى الشاب أن يكون حكيماً وصبوراً في التعاطي مع هذا الموضوع الحساس، وخصوصاً أن الكثير من الفتيات يكن ساذجات من هذه الجهة، أو يغلبهن الحياء، أو تقيدهن تحذيرات الأم ووصاياها. لذا، فإن مثل هذه الأمور العاطفية تحتاج في المرحلة الأولى إلى حدوث الانسجام بينهما والألفة، وارتفاع الحياء والخجل. ومن المهم أن لا يبدو الخاطب أنانياً ولجوجاً في مثل هذه الأمور الحساسة، خشية أن لا تصدم خطيبته بذلك، وتتفاجأ به، وتأخذ انطباعاً سيئاً عنه، وتنفر منه.
رابعاً: رغم أنه لا يجب على الزوجة المخطوبة قبل زفافها إطاعة خطيبها فيما يطلبه منها في أي مجال من المجالات، سوى ما تقدم ذكره في حقه عليها، فإن عليهما معاً حفظاً للمودة، وتحقيقاً للانسجام، وتأسيساً لزيادة التفاهم، أن يحرص كل منهما على استرضاء الآخر ومطاوعته فيما يمكن من رغباته، وخصوصاً إن صدرت منه بطريقة التمني، أو أحسّ الآخر برغبته فيها، وخصوصاً الفتاة، حيث يتوقع خطيبها منها مطاوعته في ذلك، وبخاصة إن كانت رغباته مقبولة عرفاً أو شرعاً، وكانت موجبة لزيادة الكمال في الشخصية والعلاقات.. إننا لا نرى ضيراً على كلٍّ من الخاطبين أن يحرص على استرضاء شريكه في إطار المعقول والممكن والمشروع من المطالب، لأنه من حسن المعاشرة المطلوبة منهما معاً.