خطبة الجمعة 3 صفر 1435 الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى: حسن الظن بالله


(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)(البقرة:186) ـ الملاحظة الأولى: هذه الآية هي الوحيدة التي تضمنت هذا العدد من ضمير المتكلم العائد إلى الله (عبادي ـ عني ـ فإني ـ فاعل أجيب "أنا" ـ دعانِ ـ لي ـ بي) فالمجموع سبعة ضمائر للمتكلم في آية قصيرة.
ـ ففرق بين (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الاخلاص:1) وبين ما في هذه الآية، فالغائب للترفع والتعالي.
ـ الملاحظة الثانية: لا ضمير للغائب في الآية.
ـ الملاحظة الثالثة: قوله: (عِبَادِي)، و لم يقل: (الناس)، فذكر العلاقة معه سبحانه لمزيد من العناية.
ـ الملاحظة الرابعة: حذف الواسطة في الجواب، فقال: (فَإِنِّي قَرِيبٌ)، وليس (فقل إنه قريب).
ـ الملاحظة الخامسة: التأكيد بإن (فَإِنِّي قَرِيبٌ).
ـ الملاحظة السادسة: الإتيان بالصفة دون الفعل الدال على القرب، ليدل على ثبوت القرب و دوامه.
ـ الملاحظة السابعة: استعمال الفعل المضارع للدلالة على تجدد الإجابة و استمرارها.
ـ هذا النوع من التعبير ملفت للنظر، ويأتي لإثبات وتأكيد قربه بكل ما في هذا القرب من رحمة، ولتنبئ بالاهتمام في أمر استجابة الدعاء و العناية بها.
ـ وإذا أضفنا إلى هذه الآية قوله: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(غافر:60) سيتأكد المسلم أن عليه أن يُحسن ظنه بالله في الدعاء.. وما أكثر الذين يسيئون ظنهم بالله في ذلك!
ـ تارة تجده يدعو الله ببرود، وكأنه يقول: لِمَ أُتعِب نفسي؟ فالنتيجة واحدة.. ولكنه إذا طلب من إنسان حاجته لا يترك كلمة إلا ويتوسل بها: الله يخليك يا فلان، لا تقصر معاي، تكفه، نخيتك.. إلخ.
ـ وهذا جزء من الخلل الذي كان يعيشه بعض المسلمين في تصورهم عن الله بسبب ما كان متراكماً في ذهنهم من مخلفات الجاهلية عن علاقة الإنسان بالله، وأن الله بعيد عن خلقه.. وها هي تعود من جديد بوساوس شيطانية.
ـ والسلبية الأخرى أن أكثرنا يقرأ الدعاء أو يسمعه، ولا يدعو.. وفرق بين الإثنين، فالدعاء طلب حقيقي نابع من القلب، أما أكثرنا فيقرأ الدعاء بقلب لاه، أو لا يعلم ماذا يقول الدعاء ولا يفهمه، أو يركز على صوت القارئ وطريقة الإلقاء.. لا أكثر.. فيتصور أنه يدعو ولا يستجاب له!
ـ أيها المؤمنون لا تسيئوا الظن بالله، ولا أبلغ في هذه الدعوة من قوله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)(البقرة:186)