خطبة الجمعة 27 ذوالحجة 1434 الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : تحويل الشعائر إلى تقاليد


ـ أحياناً نعمل على تحويل بعض الأحكام الشرعية والشعائر الدينية إلى تقاليد وعادات، يتبناها الناس كما يتبنون تقاليدهم ويدافعون عنها كما يدافعون عن حرمة تقاليدهم. فهل يعتبر ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح؟
ـ ويمكن أن نمثّل لذلك بالحج وزيارة المراقد المقدسة وبعض الشعائر الحسينية واحتفالات المواليد، حيث تتحول الزيارة مثلاً إلى عادة تلقائية يمارسها من حين لآخر مع الصحبة وتغيير الجو الروتيني الذي يعيشه، بعيداً عن كل روحانية العبادة وعمقها وفيوضاتها.
ـ ربما يذهب البعض إلى القول بإيجابية ذلك، لأنه يعني حدوث انسجام بين الفرد وبين الحكم الشرعي، ويعني وجود حالة من التلاحم القوي بينها، لأن الخروج على التقاليد يعتبر عادةً عملية صعبة ومستهجنة، بما تمثله من تمرد على الموروث في الذهنية العامة.
ـ أما إذا بقي الحكم الشرعي مجرداً عن ذلك، فلن يكون الأمر بهذه الصعوبة، وسيكون مرتبطاً بمدى الوازع عند الفرد في مقدار الالتزام.
ـ ولكن في الجهة المقابلة ينبغي أن نلتفت إلى سلبيات ذلك، ومنها:
1ـ أن الحكم الشرعي إن لم يرتبط بجذوره الشرعية فقد يصبح مجرد شئ لا معنى له، وينسى الإنسان ما للزيارة مثلاً أو للحج أو للشعائر الحسينية من منطلق وأثر إيماني ومعنوي وعملي، لأن ممارسة التقاليد
ليست ممارسة واعية، وبذا تتحول العبادة إلى جسد بلا روح.
2ـ أن العادات والتقاليد يمكن أن يطرأ عليها التغيير من حين لآخر وبحسب الظروف، فإذا تحولت الشعائر إلى تقاليد، فسيعرضها ذلك لمثل هذه التغييرات التي قد تكون متعارضة مع الحكم الشرعي، وهذا ما نلحظه في بعض شعائر الزيارة والشعائر الحسينية.
3ـ أن المجتمع إن عاش هذه النظرة تجاه هذه الشعيرة فلربما تشعر بعض الأجيال بمرور الوقت بتفاهتها، إذ تُمارَس من دون معرفة الجدوائية والفائدة، وهو ما قد يدفعها للتخلي عنها تدريجياً.
ـ ولذا من المهم أن نثير دائماً في خطاباتنا الطبيعة الشرعية والأبعاد المرجوة من خلال القيام بهذه الشعائر، وفيما لو تحولت في مجتمع ما إلى مجرد عادات وتقاليد، فينبغي حينئذ أن نبقيها قائمة في وجدان الناس كشعيرة ترتبط بالتقرب إلى الله تعالى، وكممارسة تخضع لفلسفة، وليست شيئاً مجرداً، ولا عملية جامدة جافة.