غرقى: خالد الذيب

غرقى
خالد الذيب
غرقت السفينة، ونجا أربعة فقط، قادتهم الأمواج إلى جزيرة نائية.. بعد ثلاثة أيام.. لم ينتظر الأول معجزة إلهية، فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وبالتالي.. لا تمطر معجزات، فقام بصنع قارب صغير يستطيع من خلاله تحدي الأمواج بفكرة بسيطة أتته بعدما أجهد عقله في البحث عن حل.. فأعجب الثاني الاقتراح، فبادر بمساعدته في صنع القارب، والثالث اكتفى بالصمت خائفاً من عواقب دخول هذا القارب بين الأمواج ثانية، ففضّل الانتظار إلى أن تأتي طائرات الإنقاذ لانتشاله من هذه الجزيرة.. أما رابعهم الذي كان ككلب أهل الكهف، فقد سخر من هذا الطموح العالي، وذهب بعيداً عنهم؛ حتى لا تؤثر هذه "التخبطات" على تفكيره.
بعد يومين.. وصل الأول والثاني إلى الميناء، والذي كان لا يبعد عنهم كثيراً، وبعد يومين إضافيين وصلت طائرات الإنقاذ وانتشلت الثالث، وقبل أن يمر شهر تبنت إحدى الشركات العالمية فكرة الأول، وأصبح من العظماء، ولم ينس رفيقه الثاني الذي ساعده، فأشركه معه وأصبح من الناجحين، والثالث أكمل حياته بشكل عادي كأي إنسان على هذه البسيطة.. انتشر الخبر في الصحف، وقرأه شخص كان جالساً في أحد المقاهي، ولم يزد عن أربع جمل تعليقاً على الحدث لصديقه الجالس بجانبه، قائلاً:
العظماء.. يصنعون الفرص..
والناجحون.. يستغلونها..
والعاديون يخشونها..
فيسخرون منها!!
مرت الأيام.. فدخل الأول التاريخ، والثاني عاش حياته ناجحاً، والثالث مرت أيامه كشروق الشمس وطلوع القمر.. أما الرابع.. فلا زال البحث جاريا عنه!!