همج رعاع - الشيخ حسين الراضي ـ الإحساء

كان الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من أبرز الشخصيات التي حرصت على العلم والمعرفة والحث عليه في مختلف المجالات وأكثر المناسبات حتى لُقِّب بباب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله، كما وقف الموقف السلبي من الجهل والجهلاء وندد بهم.
وفي ما يلي يقسم لنا الإمام عليه السلام الناس إلى أصناف ثلاثة، روى الشيخ بأسانيده عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ وَاللَّفْظُ لِفُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: أَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام بِيَدِي فَأَخْرَجَنِي إِلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ، ثُمَّ قَالَ يَا كُمَيْلُ: إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ، النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ).
الإمام يقسم الأمة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: العالم الرباني وهو الذي أوقف نفسه لله سبحانه والتعلم لمعرفة المبدع الأول لهذا الكون وما يتعلق به، ويستقي علمه من الله (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[البقرة: 282].
القسم الثاني: المتعلم الذي سلك طريق الخير، فهو على خير وإلى خير.
قال ابن ابي الحديد في شرح ما تقدم: (قوله عليه السلام ثلاثة: قسمة صحيحة، وذلك لأن البشر باعتبار الأمور الإلهية إما عالم على الحقيقة يعرف الله تعالى، وإما شارع في ذلك فهو بعد في السفر إلى الله يطلبه بالتعلم والاستفادة من العالم وإما لا ذا ولا ذاك وهو العامي الساقط الذي‏ لا يعبأ الله به. وصدق عليه السلام في أنهم همج رعاع أتباع كل ناعق، ألا تراهم ينتقلون من التقليد لشخص إلى تقليد الآخر لأدنى خيال وأضعف وهم؟).