خطبة الجمعة 11 رمضان 1434 ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : بركة أموال خديجة


ـ في كتاب (الأمالي) للشيخ الطوسي حول هجرة النبي(ص) إلى المدينة حديث يتناول تفاصيل ما جرى بعد أن هجم المشركون المتربصون بالدار على علي(ع) وهم يظنون أنه النبي(ص)، قال: (وأمهل علي صلوات الله عليه حتى إذا أعتم من الليلة القابلة انطلق هو وهند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله(ص) في الغار، فأمر رسول الله (ص) هنداً أن يبتاع له ولصاحبه بعيرين، فقال أبو بكر: قد كنتُ أعددتُ لي ولك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب. فقال: إني لا آخذهما ولا أحدَهما إلا بالثمن. قال: فهي لك بذلك، فأمر (ص) علياً(ع) فأقبضه الثمن، ثم أوصاه بحفظ ذمته وأداء أمانته.. وقال النبي(ص): إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمرٍ تكرهه حتى تقدِمَ عليَّ، فأدِّ أمانتي على أعين الناس ظاهراً، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلفٌ ربي عليكما ومستحفظُه فيكما، وأمرَه أن يبتاع رواحلَ له وللفواطم ومَن أزمع للهجرة معه من بني هاشم. قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد الله - يعني ابن أبي رافع - أوَ كان رسول الله(ص) يجد ما ينفقه هكذا؟ فقال: إني سألت أبي عما سألتَني، وكان يحدِّث بهذا الحديث، فقال: فأين يذهب بك عن مال خديجة(ع)؟ وقال: إن رسول الله(ص) قال: ما نفعني مالٌ قط مثل ما نفعني مالُ خديجة(ع)، وكان رسول الله(ص) يفك من مالِها الغارمَ والعاني) الأسير (ويحمل الكَل) الضعيف (ويعطي في النائبة، ويرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة، ويحمل من أراد منهم الهجرة، وكانت قريش إذا رحلت عيرُها في الرحلتين - يعني رحلة الشتاء والصيف - كانت طائفة من العير لخديجة، وكانت أكثر قريش مالاً، وكان(ص) ينفق منه ما شاء في حياتها ثم ورثها هو ووُلدُها بعد مماتها).
ـ هذا المشهد مع ما فيه من تكريم لواحدة من سيدات نساء أهل الجنة، إلا أنه يستوقفنا عند قضية مشاركة المرأة زوجَها في تحمّل أعباء الحياة.
ـ من الناحية الشرعية لا يجب على الزوجة الإنفاق على الأسرة بل ولا على نفسها من مالها وإن كانت مستغنية من خلال راتبها أو من إرثٍ أو غيرهما. لاحظ المسألة: (يحرم على الزوج أن يأخذ مال زوجته الخاص بها الذي تحصل عليه من عملها وما يأتيها من هدايا وغير ذلك إلا برضاها وطيب نفسها وإلا كان غاصباً ظالماً، ولا يجوز له إضطهادها نتيجة عدم قبولها لإعطاء مالها له، ويجب عليه أن ينفق عليها من ماله ولو كانت مستغنية بما لها من مال).
ـ هذا من حيث المبدأ الشرعي، ولكن أقول متى ما كانت الحياة الزوجية مبتنية على التفاهم والحب والتراحم بين الطرفين فكل هذه العناوين تزول، وسيتفاهمان على كيفية بناء حياتهما في الجوانب المختلفة ومن بينها الجانب المادي، وستقدم الزوجة كل التضحيات من أجل بناء الأسرة، ولن يكون لهذه المسألة موقعاً في خصامٍ بينهما. والسيد خديجة(رض) خير أسوة في ذلك.